الدور البيئي
يُعتبر الدب القطبي مفترسا فوقيا عبر جميع أنحاء موطنه، حيث تعتمد الكثير من أنواع الحيوانات الأخرى، وبشكل خاص الثعالب القطبية والنوارس الرمادية المزرقة، على نجاحه في الصيد كي تقوم بتقميم بقايا ذبائحه.[42]
ثعلب قطبي يحوم حول دب قطبي بانتظار انتهاءه من الاقتيات على الجيفة.
إن علاقة الدببة القطبية بالفقمات المطوقة وثيقة لدرجة أن كثافتها في بعض المناطق يظهر بأنها تتحكم بكثافة الدببة، فكلما زادت أعدادها كلما ازدادت أعداد الدببة والعكس صحيح، وبالمقابل فإن افتراس الدببة للفقمات يتحكم بأعدادها ومستوى نجاحها التناسلي.[46] يُعتقد أن الضغط الذي تمارسه الدببة القطبية على الفقمات كان سببا وراء ظهور عدّة اختلافات بين فقمات القطب الشمالي والقطب الجنوبي، حيث لا يوجد مفترس رئيسي كبير قاطن لليابسة. فعند مقارنة الفقمات الشمالية بالجنوبية، يظهر بأن الأولى يسخدم الفرد منها فتحات تنفس متعددة أكثر من أقاربه في الجنوب، كما تظهر الفقمات الشمالية أكثر تيقظا عندما توجد على الجليد، ومن النادر لها أن تتبرز خارج المياه.[42] وبالإضافة لذلك فإن فراء معظم صغار فقمات القطب الشمالي يكون أبيض عند الولادة وذلك كي يؤمن لها التمويه من المفترسات البريّة المتعددة، أما فراء جميع فقمات القطب الجنوبي فيكون داكنا عند الولادة.[42]
يندر أن تدخل الدببة القطبية في نزاع مع ضوار أخرى، على الرغم من أن بعض التقارير تفيد بتوغل بعض الدببة البنية في مناطق الدببة القطبية مؤخرا حيث احتكت معها بشكل عدائي. تميل الدببة البنية أن تهيمن على القطبية عندما يلتقي الإثنان حول ذبيحة،[74] كما تمّ العثور على جيف دياسم قطبية في جحور دببة بنية.[75] لا تلتقي الدببة القطبية بالذئاب عبر موطنها في الغالب، على الرغم من وجود تقريرين يفيدان بقيام قطعان من الذئاب بقتل دياسم قطبية.[76]
[عدل]صيد الدببة القطبية
[عدل]السكان الأصليون
جلود وفراء دببة قطبية بعد صيدها في بلدة لتّوقورتورميت، غرينلاند.
كانت الدببة القطبية، ولا تزال تؤمن الكثير من المواد الخام لسكان الدائرة القطبية الشمالية الأصليين، مثل الإنويت، اليوبك، الشوكشي، النينيت، والبومور الروس، وكان الصيادون في العادة يستخدمون فرقة من الكلاب لتشتيت انتباه الدب مما يفتح المجال أمام الصياد ليقوم بطعنه بالرمح أو إطلاق عدد من السهام عليه من على مسافة قريبة.[77] كانت جميع أجزاء هذه الحيوانات تقريبا تُستخدم في استعمالات مختلفة،[78] فالفراء كان يُستخدم لحياكة السراويل بشكل خاص، ولصناعة أغطية خارجية للقدمين شبيهة بالخف، يطلق عليها شعب النينيت توبوك، كما وكان يتم أكل اللحم على الرغم من خطر الإصابة بداء الشعرية أو الترخينة؛ أما الدهون فكانت تستعمل كوقود لإضائة المنازل إلى جانب شحوم الفقمات والحيتان. بالإضافة لذلك كانت أوتار الأقدام تستخدم كخيوط لحياكة الملابس؛ وكان يتم تجفيف المرارة والقلب في بعض الأحيان وطحنهما لأجل تحقيق أغراض طبيّة، أما الأنياب الكبيرة فكان يُحتفظ بها كطلاسم.[79] وحده كبد هذه الحيوانات لم يكن يُستعمل وذلك بسبب احتوائه على كميّة مركزة من فيتامين أي يمكنها أن تسبب التسمم بحال تمّ استهلاكها،[80] والسبب وراء هذا هو اعتماد الدب القطبي على صيد وتناول كميات كبيرة من الحيوانات البحرية التي يخزن كبدها هذه الفيتامينات والتي يخزنها الدب القطبي بالتالي في كبده،[81] وكان الصيادون يحرصون على رمي الكبد في البحر أو دفنه في الثلج كي يضمنوا عدم قيام كلابهم بتناوله.[79] كان صيد الإعاشة التقليدي هذا يتم على نطاق صغير جدا، حيث أنه لم يكن له أي تأثير على جمهرة الدببة القطبية، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى قلة الكثافة السكانية في مسكن الدببة القطبية.[82]
[عدل]تاريخ الاستغلال التجاري
مجموعة صيادين قاموا باصطياد دب قطبي من على متن غواصة خلال أوائل القرن العشرين، (1943).
كان يتم الإتجار بفراء الدببة القطبية بشكل منتظم منذ القرن الرابع عشر في روسيا، على الرغم من أن قيمته كانت منخفضة بالمقارنة مع فراء الثعالب القطبية وحتى الرنة،[79] وقد أدّى ازدياد الكثافة السكانية في القطب الشمالي الأوراسي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، بالإضافة لوصول الأسلحة النارية وتوسّع حركة التجارة، إلى ازدياد ملحوظ باستغلال الدببة القطبية تجاريّا.[36][83] إلا أنه وبسبب لعب فراء الدب القطبي دورا هامشيّا في التجارة على الدوام، فإن المعلومات المتعلقة بتاريخ استغلاله قليلة ومتجزئة، فعلى سبيل المثال يُعرف أنه بشتاء عام 1784 أو 1785 قام البومور الروس المقيمين في جزيرة سبيتسبيرغن (أكبر جزر أرخبيل السفالبارد) بقتل 150 دب قطبي في زقاق ماغداليني البحري،[79] وفي أوائل القرن العشرين كان الصيادين النروجيين يقتلون 300 دب سنويا في نفس الموقع. تُظهر تقديرات عمليات الصيد التاريخية للدببة القطبية أنه منذ بداية القرن الثامن عشر كان ما بين 400 و 500 حيوان يقتلون سنويّا في شمالي أوراسيا، قبل أن تبلغ هذه الأعداد ذروتها في أوائل القرن العشرين حيث يقدّر تراوح أعداد الحيوانات المصيدة عند ذلك بين 1,300 و 1,500 دب، أما بعد ذلك فقد انخفضت هذه الأرقام بسبب تراجع أعداد الدببة القطبية.[79]
وفي النصف الأول من القرن العشرين وصلت آليّات الصيد والأسر الميكانيكية المتفوقة إلى أميركا الشمالية كذلك الأمر،[84] فأخذ الصيادون يطاردون الدببة القطبية في زلاقات الجليد الآلية، كاسحات الجليد، والطائرات، وقد وُصف الصيد بالأسلوب الأخير عام 1965 بكلمة رئيس التحرير في مجلة نيويورك تايمز على أنه "ذو روح رياضيّة مماثلة تماما لروح شخص يقتل بقرة برشاش".[84] إزداد عدد الدببة التي قتلت بشكل سريع خلال ستينات القرن العشرين، وبلغت ذروتها حوالي عام 1968، حيث بلغ إجمالي الحيوانات التي كانت تقتل في السنة 1,250.[85]
[عدل]القوانين المعاصرة
أدّى الخوف والقلق حول مستقبل الدببة القطبية إلى ظهور عدد من التشريعات الدوليّة المنظمة لصيد هذه الحيوانات، بدأ من منتصف خمسينات القرن العشرين.[86] وفي عام 1973 تمّ التوقيع على الاتفاقية الدولية للحفاظ على الدببة القطبية من قبل الدول الخمس التي تعيش الدببة القطبية على أراضيها وهي: كندا، الدنمارك (غرينلاند)، النروج (سفالبارد)، الإتحاد السوفياتي (روسيا حاليّا)، والولايات المتحدة (ألاسكا). تعرف هذه الاتفاقية أيضا باتفاقية أوسلو، وتعتبر إحدى الحالات النادرة للتعاون الدولي خلال فترة الحرب الباردة. يقول عالم الأحياء إيان ستيرلنغ: "لعدد من السنوات، كان الحفاظ على الدببة القطبية المسألة الوحيدة في القطب الشمالي بأكمله التي استطاعت دولا تنتمي للجهتين المختلفتين من الستار الحديدي أن تتفق عليها بشكل كاف يجعلها توقع إتفاقية بشأنها. هكذا كانت درجة انبهار البشر بهذا المفترس المذهل، الدب البحري الوحيد".[87]
على الرغم من أن هذه الاتفاقية لا تعتبر بأنها تحوز القوة الآمرة بنفسها، فإن الدول الأعضاء التي وقعت عليها اتفقت على وضع قيود متعددة على الصيد الترفيهي والتجاري لهذه الحيوانات، منع صيدها من الطائرات وكاسحات الجليد، والمساهمة بإجراء أبحاث جديدة لفهم الدببة بشكل أكبر.[88] تسمح الاتفاقية للسكان المحليين بالصيد عن طريق استخدام الوسائل التقليدية، على الرغم من أن هذا البند تمّ تفسيره بطرق مختلفة وفقا لرأي كل دولة من الدول الأعضاء. تعتبر النروج الدولة الوحيدة من بين الدول الخمس التي منعت الاستغلال التجاري للدببة القطبية بكافة صوره.
قامت البعض من هذه الدول بإبرام اتفاقيات مزدوجة بينها وبين دولة أخرى لتتشارك في إدارة جمهرات الدببة القطبية المشتركة على أراضيها. ومن هذه الاتفاقيات تلك التي وقعتها روسيا والولايات المتحدة في أكتوبر عام 2000، بعد عدّة شهور من المفاوضات، والتي تتضمن تحديد حصص معينة يمكن للسكان الأصليين الحصول عليها عند قيامهم بالصيد الإعاشي في ألاسكا وتشوكوتكا.[89] تمّ التصديق على هذه الاتفاقية في أكتوبر 2007.[90]
[عدل]في روسيا
قام الإتحاد السوفياتي بمنع جميع أنواع اسغلال الدببة القطبية عام 1956، إلا أن الصيد غير الشرعي استمر على الرغم من ذلك، ويُعتقد بأنه لا يزال يشكل خطرا على جمهرة هذه الحيوانات في روسيا.[6] وفي السنوات الأخيرة، أخذت الدببة القطبية تزيد من وتيرة اقترابها من القرى المأهولة في تشوكوتكا شيئا فشيئا بسبب تقلص حجم الصفائح الجليدية البحرية، مما يزيد من احتمال تعرض البشر للهجوم، كما ويزيد مخاوف السلطات من أن يصبح القنص غير الشرعي مألوفا أكثر.[91] وفي عام 2007 جعلت الحكومة الروسية صيد سكان تشوكوتكا الإعاشي للدببة القطبية قانونيّا، وهي خطوة قام بتأييدها أكثر العلماء الروس المختصين بدراسة الدببة شهرة بالإضافة للصندوق العالمي لتمويل الحفاظ على البيئة، حيث اعتبرت على أنها وسيلة تحد من الصيد الغير شرعي.[91]
[عدل]في غرينلاند
إبتدأ تطبيق بعض القوانين الخاصة بمنع صيد الدببة القطبية في غرينلاند عام 1994 على نطاق ضيّق، قبل أن يتم التوسع في تطبيقها عام 2005 بناءً على قرار تنفيذي من الحكومة الدنماركية.[6] وحتى عام 2005 لم تكن غرينلاند قد وضعت أي قيود على صيد هذه الحيوانات من قبل السكان الأصليين، إلا أنه بحلول عام 2006 كانت قد وضعت حدا أقصاه 150 حيوانا يُسمح بصيدها في السنة، كما سمحت بالصيد الإعاشي لأول مرة بتاريخها.[92] ومن الاحتياطات الأخرى المقررة لحماية الدببة: حماية الأمهات وصغارها على مدار العام، قيود على الأسلحة المستعملة، وعدد من المتطلبات الإدارية اللازمة لفهرسة الدببة المُصادة.[6]
تُستخدم زحافات الكلاب في الصيد الإعاشي للدببة القطبية في كندا، أما استعمال الآلات الميكانيكية لغرض الصيد فمحظور.
[عدل]في كندا والولايات المتحدة
يقتل البشر في كندا حوالي 500 دب قطبي سنويّا،[93] وهو معدّل يعتقد العلماء أنه غير قابل لإبقائه على ماهو عليه في بعض المناطق، وبشكل خاص خليج بفن.[5] سمحت كندا بصيد الدببة لغرض الترفيه منذ عام 1970 شريطة أن يرافق الصيادون دليل محلّي وباستعمال زحافات الكلاب،[94] إلا أن هذا الأمر لم يصبح مألوفا حتى عقد الثمانينات من القرن العشرين.[95] يؤمن العمل كدليل للصيادين فرص تشغيل كثيرة ومصدر دخل معتبر لمجتمعات السكان الأصليون الذين تعتبر فرصهم الاقتصادية قليلة أساسا.[23] يمكن للصيد الترفيهي أن يؤمن ما بين 20,000 إلى 35,000 دولار كندي مقابل كل دب يتم إصطايده للمجتمعات الشماليّة، وقد أتت معظم هذه العائدات حتى مؤخرا من الصيادين الأميركيين.[96]
قامت الحكومة الأميركية بتاريخ 15 مايو 2008 بوضع الدب القطبي ضمن لائحة الحيوانات الأميركية المهددة بالانقراض وفقا لقانون الأنواع المهددة، ومنعت استيراد جميع تذكارات صيد هذه الحيوانات إلى البلاد. كانت حكومة الولايات المتحدة قد منعت استيراد جميع المنتوجات المصنوعة من أعضاء للدببة القطبية من عام 1972 حتى عام 1994 وفقا لقانون حماية الثدييات البحرية، قبل أن تقيّد استيرادها فقط في الفترة الممتدة بين عاميّ 1994 و 2008. تتطلب هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية توافر بضعة شروط حتى تمنح إجازة لطالب إدخال منتجات الدببة القطبية أو تذكار صيدها من كندا إلى الولايات المتحدة، وهذه الشروط تتمثل في: صيد الدب في منطقة يُسمح بها بالصيد بناءً على نظام الحصص، أي أنه يُسمح بصيد عدد محدد منها قليل عادةً، وأن يكون تحديد هذه الحصص قد تمّ بناءً على أساليب إداريّة سليمة.[97] تمّ إدخال ما يزيد على 800 تذكار صيد لدببة قطبية قتلت لغرض الترفيه إلى الولايات المتحدة منذ عام 1994.[98]
مما يعتبر مثيرا للسخرية، أن دعوة معأرضي نظام الحصص في صيد الدببة القطبية إلى تثبيط الصيد الترفيهي، بسبب الطريقة التي تتم بها إدارة هذا النظام بكندا، قد تؤدي في الواقع إلى زيادة عدد الدببة المُصادة في المدى القصير.[23] تخصص الحكومة الكندية عددا محددا من الإجازات في السنة للصيد الترفيهي والإعاشي، وتلك التي لا تُستعمل لغرض الصيد الترفيهي يتم إحالتها للصيد الإعاشي للسكان الأصليين. وبينما يصطاد السكان الأصليون جميع الدببة التي يُسمح لهم بصيدها في السنة، فإن أقل من نصف الصيادون الراغبون بالترفيه فقط ينجحون بقتل دب قطبي. وإن لم يستطع الصياد الترفيهي أن يقتل دبا قبل أن تنتهي فترة صلاحية إجازته، فإن هذه الإجازة لا يمكن أن تُنقل لصياد أخر.[23]
تعتبر منطقة نونافوت أكثر المناطق التي يحصل بها صيد للدببة القطبية في كندا، حيث تشكل نسبة الدببة المُصادة فيها 80% من إجمالي الدببة التي تُصاد عبر جميع أنحاء الدولة.[93] وفي عام 2005 قامت حكومة نونافوت بزيادة الحصص المسموح بصيدها من 400 إلى 518 دبّا،[99] على الرغم من معارضة بعض المجموعات العلميّة لهذا.[100] أظهرت بعض الدراسات العلميّة أنه في منطقتين من المناطق التي ازدادت فيها أعمال الاستغلال التجاري للدببة القطبية، فإن جمهراتها أخذت بالتراجع بالمقابل، بينما لم تظهر أي معلومات من منطقة ثالثة إزدادت فيها هذه الأعمال بسبب نقص المعطيات.[101] على الرغم من أن معظم الحصص تخصص لصيد السكان الأصليين من الإنويت، فإن قسم كبير منها يتم بيعه للصيادين الترفيهيين (0.8% منها تمّ بيعه في سبعينات القرن العشرين، 7.1% في الثمانينات، و 14.6% في التسعينات).[95] يُصرّ عالم الأحياء من نونافوت المتخصص بدراسة الدببة القطبية، م. ك. تايلور، المسؤول عن الحفاظ عن الدببة القطبية في المنطقة، أن أعداد الدببة القطبية مستقرّة ومُحافظٌ عليها وفق اتباع أساليب الصيد الحاليّة.[102] تحافظ حكومة المقاطعات الشمالية الغربية على الحصص المسموح بصيدها على أراضيها والتي تتراوح بين 72 و 103 دبّا بداخل مجتمعات الإنويت الذين يخصصون بدورهم جزء منها للصيادين الترفيهيين.
[عدل]حالة الحفظ، جهود الحفاظ على النوع، والجدال القائم
تظهر هذه الخريطة، من وكالة الأبحاث الجيولوجية الأميركية، التغيرات المتوقعة في مسكن الدببة القطبية خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 2001 و 2010 وصولا إلى ما بين عاميّ 2041 و 2050. تظهر المناطق الحمراء فقدان أفضل مساكن الدب القطبي؛ بينما تظهر الزرقاء المساكن المكتسبة.
تعتبر الجمهرة العالمية للدب القطبي، التي يتراوح أعداد أفرادها بين 22,000 و 25,000 دب، مسقرّة نسبيّا،[103] إلا أنه في عام 2006 قام الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) بنقل حالة حفظ هذه الحيوانات من "غير مهددة" إلى "مهددة بدرجة دنيا"، أي أنه يُحتمل أن تصبح مهددة بالانقراض بشكل متوسط أو أقصى إن لم تتخذ الإجراءات المناسبة للحفاظ عليها.[104] أفاد الإتحاد أنه "يحتمل أن الجمهرة العالمية للدببة القطبية تراجعت بنسبة أكبر من 30% خلال ثلاثة أجيال (45 سنة)" وذلك يعود بشكل أساسي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.[7] ومن المخاطر الأخرى التي تتعرض لها هذه الحيوانات: التلوّث الظاهر عن طريق الملوثات السامة، المنافسة مع صيادي الفقمات، والضغوطات التي تتعرض لها من مراقبي الحياة البرية الراغبين بالترفيه، والمنقبين عن النفط والغاز الطبيعي،[7] بالإضافة لبعض مشاريع التطوير المتعلقة بمصادر الطاقة هذه. كما اعتبر الإتحاد أن هناك "خطرا محتملا بسبب الاستغلال المكثف" عن طريق الصيد الشرعي وغير الشرعي.[7]
[عدل]الاحتباس الحراري
يعبّر كل من الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة، دراسة تقييم تأثير المناخ القطبي، وكالة الأبحاث الجيولوجية الأميركية، وعدد من علماء الأحياء المشهورين والمختصين بدراسة الدببة القطبية، عن قلقهم العميق حول أثار ظاهرة الاحتباس الحراري، بما فيه الاعتقاد بأن نمط الارتفاع بدرجات الحرارة السائد حاليّا من شأنه أن يهدد بقاء هذا النوع.[21][105][106][107][108][109]
دب قطبي بالقرب من مستوطنة بشريّة. يعتقد العلماء أنه بحال استمرار درجات الحرارة العالمية بالارتفاع، فإن هكذا مصادفات ستصبح أكثر شيوعا.
يتمثل الخطر الأساسي على الدببة القطبية جرّاء الاحتباس الحراري بقلّة التغذية أو الموت جوعا بسبب فقدان المسكن. فالدببة القطبية تعتمد على الجليد البحري كمنصة كي تصيد منها الفقمات، وارتفاع درجات الحرارة يؤدي لذوبان الجليد البحري بوقت أبكر من السنة مما يدفع بالدببة إلى الشاطئ قبل أن تكون قد خزّنت ما يكفي من الدهون الفائضة لتتمكن من البقاء خلال الفترة التي تقل فيها مصادر الغذاء أي خلال أواخر الصيف وأوائل الخريف.[69] كما أن التراجع في الصفائح الجليدية البحرية يدفع الدببة للسباحة لمسافات أطول، مما يستنفذ مخزون طاقتها وغالبا ما يؤدي لغرقها.[110] يميل الجليد البحري الرقيق إلى أن يتكسّر بسهولة أكبر، مما يجعل من الصعب على الدببة القطبية الوصول إلى الفقمات كما يظهر.[46] تتسبب قلّة التغذية بتقليل نسبة الخصوبة عند الإناث البالغة وتخفف من نسبة احتمال بقاء الدياسم والدببة اليافعة، بالإضافة لإصابة الدببة من مختلف الفئات العمرية بهزال وأمراض مختلفة ناتجة عنه.[21]
بالإضافة لتأثير تغيير المناخ على الدببة القطبية من الناحية الغذائية، فإنه يُتوقع أن يكون له تأثيرات أخرى متعددة على مظاهر حياة هذه الحيوانات: فالتغيرات الحاصلة للجليد البحري تؤثر على مقدرة الإناث الحوامل على بناء جحور أمومية مناسبة، إذ أن ازدياد بعد الصفائح الجليدية عن الشاطئ يجعل الإناث تضطر للسباحة لمسافات أكثر كي تصل لمواقع جحورها المفضلة على البر.[21] قد يؤدي ذوبان التربة المتجمدة إلى التأثير على الدببة التي اعتادت على حفر جحورها تحت الأرض، كما يمكن للشتوات الدافئة أن تؤدي لانهيار سقف الجحر على قاطنيه أو أن تجعلها أقل عزلة للحرارة.[21] وبالنسبة للدببة القطبية التي تحفر جحورها في الجليد الدائم، فإن ازدياد حركة الجليد قد تدفع الأمهات وصغارها إلى السير لمسافات أطول عندما تعود لمناطق صيد الفقمات في الربيع.[21] بالإضافة لذلك يمكن للبكتيريا والطفيليات المسببة للأمراض أن تزدهر وتنتشر بشكل أسرع في المناخ الدافئ.[46]
كانت النزاعات العنيفة بين البشر والدببة القطبية، كما في حالة بحث الدببة عن غذائها في مكبات النفايات، مرتفعة في السنوات التي ذاب فيها الجليد البحري باكرا وكانت الدببة المحليّة نحيلة نسبيّا.[105] يُعتقد أن ازدياد التفاعل بين الدببة والإنسان، بما فيه من هجومات مميتة على الأخير، يُحتمل أن تزداد وتيرته على الأكثر، إذا استمرت الصفائح الجليدية البحرية بالتراجع واضطرت الدببة الجائعة إلى البحث عن الطعام على اليابسة.[105]
تتطلب الدبة الأم وصغارها الكثير من الغذاء كي تستمر بالبقاء، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق إذا كان موسم صيد الفقمات قصيرا.
[عدل]ملاحظات مرتبطة بالاحتباس الحراري
كانت تأثيرات الاحتباس الحراري واضحة أشد الوضوح في القسم الجنوبي من موطن الدببة القطبية، ففي الواقع كانت هذه المناطق هي نفسها التي ظهر فيها انخفاضا بارزا في أعداد هذه الحيوانات خلال السنوات الماضية،[109] كما أن بعض الجمهرات قاطنة هذه الأمكنة مثل جمهرة غربي خليج هدسون، تعتبر إحدى أكثر الجمهرات التي تمت دراستها في العالم. تقتات هذه الجمهرة على الفقمات المطوقة بشكل مكثّف خلال فترة أواخر الربيع، عندما تكون الدغافل التي فُطمت لتوها متوافرة بكثرة،[101] وينتهي موسم الصيد الربيعي المتأخر هذا عندما يبدأ الجليد البحري بالذوبان والتفكك، فتقوم الدببة بالصيام طيلة الصيف أو تأكل قليلا حتى يعود البحر ليتجمد مجددا.[101]
تتفكك الصفائح الجليدية البحرية في غربي خليج هدسون حاليا بفترة أبكر بثلاثة أسابيع عمّا كانت عليه منذ 30 عاما، وذلك بسبب حرارة الجو التي ارتفعت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، وبالتالي فإن موسم صيد الفقمات عند الدببة القطبية قلّت مدته عمّا كانت عليه سابقا.[101] لوحظ كنتيجة لهذا، أن الصحة الجسدية للدببة تراجعت خلال هذه الفترة؛ فمعدل وزن أنثى وحيدة (حامل على الأرجح) بلغ قرابة 290 كيلوغرام (640 رطلا) عام 1980، و 230 كيلوغراما (510 أرطال) عام 2004.[101] وفي الفترة الممتدة بين عاميّ 1987 و2004، تراجعت أعداد الأفراد المنتمين لجمهرة غربي خليج هدسون بنسبة 22%.[111]
الدببة القطبية سبّاحة قويّة، لكن بحال استمر انكماش القطب الشمالي على هذا المنوال، فإن الكثير منها قد ينفق غرقا بسبب اضطراره للسباحة لمسافات أبعد.
ساهمت مضاعفات انكماش الجليد البحري في ألاسكا بارتفاع معدل وفيات دياسم الدببة القطبية، وأدّت إلى تغيير مواقع جحور الإناث الحوامل كذلك الأمر.[68][112] أخذت الدببة في القطب الشمالي تسبح لمسافات أكثر بعدا مؤخرا كي تعثر على طريدتها، مما أدى لأربع حالات غرق موثقة خلال الانحسار الكبير الغير عادي للجليد البحري عام 2005.[110]
[عدل]التنبؤات
تفترض وكالة الأبحاث الجيولوجية الأميركية أن ثلثي الدببة القطبية في العالم سوف تختفي بحلول عام 2050، وذلك بناءً على تصور موضوعي لانكماش الجليد البحري الصيفي بسبب الاحتباس الحراري.[46] يُعتقد أنه بحلول هذه الفترة ستكون الدببة قد انقرضت من أوروبة، آسيا، وألاسكا، وبدأت بالاستنفاذ من الأرخبيل القطبي في كندا ومناطق تقع شمالي ساحل غرينلاند. وبحلول عام 2080 ستكون هذه الحيوانات قد اختفت من غرينلاند بشكل كلّي ومن الساحل الكندي الشمالي، مما يترك أعدادا متضائلة في الأرخبيل القطبي الداخلي.[46]
تختلف التنبؤات حول مدى قابلية الدببة القطبية للبقاء على الرغم من التقلبات المناخية، عن طريق تحولها للاقتيات على مصادر غذاء أرضيّة. كتب ميتشل تايلور، مدير أبحاث الحياة البرية لحكومة نونافوت، رسالة إلى هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية يقول فيها أن الأبحاث الحاليّة لا تؤمن دليلا كافيا لحصول هذه الحيوانات على الحماية العالمية اللازمة. تنص مقدمة الرسالة على أنه "في الوقت الحالي، يُعتبر الدب القطبي أحد أكثر الثدييات القطبية المحمية بشكل جيّد، ولو التزمت جميع دول القطب الشمالي بمضمون إتفاقية الدب القطبي، وبما تفرضه عليها، فإن مستقبل هذه الحيوانات مؤمن... من الواضح أن الدببة القطبية قادرة على أن تتأقلم مع التغيرات المناخيّة، فقد تطورت واستمرت بالوجود لآلاف السنين خلال فترة اتسمت بمناخها المتقلب".[102] يقول كن تايلور، نائب المفوّض في إدارة ألاسكا للصيد والطرائد، "لن أكون متفاجأ لو تعلمت الدببة القطبية كيفيّة الاقتيات على أسماك السلمون المفرخة كما تفعل الدببة الشيباء".[23]
يعتبر الكثير من العلماء أن هذه النظريات ساذجة؛[23] فمن الملاحظ أن الدببة البنية والدببة السوداء الأميركية تكون أصغر حجما كلما ازداد ارتفاع المنطقة التي تقطنها، وذلك عائد إلى ندرة مصادر الغذاء الأرضية في هكذا أماكن،[101] وهذا أمر قد يستحيل على الدببة القطبية التأقلم معه بسبب حاجتها إلى الاقتيات على شحوم الثدييات البحرية. ومن المخاطر الأخرى على هذا النوع بحال أمضت الأفراد منه وقتا أطول على اليابسة، التهجين مع الدببة البنية أو الشيباء.[109] يقول الخبراء في الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة:
تظهر الدببة القطبية معدلات إنجاب منخفضة وأمد حياة طويل. ومن شأن هذه العوامل أن تجعل تأقلم الدببة القطبية التخيري مع التغيير الواضح في نسبة الكتل الجليدية البحرية أمرا مستبعدا. إن الدببة القطبية تأقلمت بالفعل مع تقلبات مناخية حارة في الماضي، إلا أنه بسبب أمد حياتها الطويل والسرعة الكبيرة للاحترار العالمي حاليّا، فإنه يبدو من غير المحتمل أن تكون هذه الحيوانات قادرة على التأقلم مع وتيرة ارتفاع الحرارة الحالية في القطب الشمالي. وبحال استمرت التغيرات المناخية على هذا المنوال، فإنه يُحتمل أن تختفي الدببة القطبية من معظم موطنها خلال 100 سنة.[7]
[عدل]التلوث
يمكن أن تتراكم في أعضاء الدببة القطبية مستويات مرتفعة لعدد من الملوثات العضوية المتشبثة من شاكلة البيفينيل المتعدد الكلورات (PCBs)، وعدد من مبيدات الآفات الكلوريّة. تعتبر الدببة القطبية أحد أكثر الحيوانات الموبوءة في القطب الشمالي، وذلك بسبب قبوعها على قمة الهرم الغذائي، واعتمادها على حمية تتكون بمعظمها من الشحوم الغنية بالكربونات الهاليّة.[113] يُعرف أن الكربونات الهاليّة مسمّة بالنسبة لحيوانات أخرى أيضا لأنها تحاكي البنية الكيميائية للهرمونات، والعلامات الأحيائية مثل الغلوبيولين المناعي G والفيتامين أي. تمت دراسة تأثير البيفينيل المتعدد الكلورات على الدببة القطبية أكثر من تأثير باقي العناصر، وظهر أنه يتسبب لها بتشويهات خلقية وعجز في جهاز المناعة.[114]
إن أخطر هذه العناصر الكيميائية، مثل PCBs والدي دي تي، تمّ حظر التعامل به على المستوى الدولي خلال السنوات القليلة المنصرمة، إلا أن مستوى تركزها في الأنسجة الحيوية للدببة القطبية استمر بالارتفاع لعدة عقود بعد الحظر، بما أنها كانت قد سبق واتشرت بكثافة عبر السلسلة الغذائية القطبية خلال الفترة التي استعملت فيها، ولكن يُلاحظ أن نمط الارتفاع هذا قد تراجع على الأرجح، فمستوى تركز البيفينيل المتعدد الكلورات في أنسجة الدببة إنخفض خلال الفترة التي أجريت بها الدراسات حول تأثيره بين عاميّ 1989 و1993، و1996 و2002.[115] تمّ العثور في بعض الأحيان على فائض من المعادن الثقيلة في أجساد هذه الحيوانات.
[عدل]استخراج النفط والغاز
يمكن أن تؤثر عمليات استخراج النفط والغاز في مسكن الدببة القطبية على الأخيرة بوسائل مختلفة، فقد يتركز أي تسرب نفطي في القطب الشمالي في نفس المناطق التي تتركز فيها الدببة القطبية وطرائدها على الأرجح، مثل أسقف الصفائح الجليدية البحرية.[7] قد يموت الدب القطبي جرّاء انخفاض حرارة جسده بحال تلوث فراؤه بالنفط، وذلك لاعتماد هذه الحيوانات على فرائها بشكل جزئي لتأمين العزل الحراري لها.[43] تمت ملاحظة الدببة القطبية الملوثة بأثار النفط وهي تقوم بلعقه من على فرائها مما تسبب لها بقصور كلوي قاتل.[43] يمكن أن يتعرض أمان الجحور الأمومية التي تستعملها الإناث الحوامل أو الإناث ذات الدياسم، أو يتعكر صفائها بسبب استكشاف الآبار القريبة منها واستخراج محتواها، مما قد يدفع الأم لهجر الجحر قبل الأوان أو حتى التخلي عن صغارها في بعض الأحيان.[7]
[عدل]الجدال القائم حول حماية النوع
طابع ألماني يظهر عليه الدب القطبي "كنوت" وشعار "حافظوا على البيئة حول العالم".
إن التحذيرات بشأن مستقبل الدببة القطبية غالبا ما تعارضت مع واقع أن تقدير أعداد أفراد الجمهرة العالمية أظهر أنها ازدادت خلال الخمسين سنة الماضية، وتعتبر اليوم مستقرة الحالة نسبيّا.[103][116] يُقدّر البعض أن الجمهرة العالمية تراوحت أعداد أفرادها بين 5,000 و 10,000 دب خلال أوائل عقد السبعينات من القرن العشرين؛[117] والبعض الأخر يقول أن أعدادها تراوحت بين 20,000 و 40,000 حيوان خلال ثمانينات القرن نفسه.[26][36] تُظهر التقديرات الحالية أن الجمهرة العالمية يتراوح عدد أفرادها بين 20,000 و 25,000 دب.[6]
إن الاختلاف بين التقديرات القديمة لجمهرة الدببة القطبية، والتقديرات الحالية والمستقبلية يعود لعدّة أسباب: فمن جهة كانت التقديرات التي أجريت في خمسينات وستينات القرن العشرين مبنية بمعظمها على قصص تناقلها الصيادون والمستكشفون، بدلا من بنائها على دراسات علمية،[118][119] ومن جهة ثانية، فإن القيود التي فُرضت على الاستغلال التجاري لهذه الحيوانات سمحت لها بالتكاثر والعودة بأعدادها إلى ما كانت عليه،[118] وأخيرا فإن تأثير الاحتباس الحراري الحالي على كثافة الجليد البحري كان متفاوتا بين منطقة وأخرى.[118]
أدّى الجدال حول وضع الدب القطبي ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض وفق قانون الأنواع المهددة الأميركي إلى نشوء موقفين متعارضين، أحدهما يدعم هذه الخطوة وأنصاره هم الجهات المعنية بالحفاظ على الحياة البرية، والأخر يعارضها، وأنصاره هم الإنويت الكنديون؛[23] فحكومة نونافوت والكثير من سكان الشمال قاموا بإدانة فعل الولايات المتحدة هذا،[120][121] ذلك أن الكثير من الإنويت يعتبرون أن الدببة القطبية تتزايد، وأن القيود المفروضة على الصيد الترفيهي من شأنها أن تؤدي لفقدانهم مصدر رزقهم.[23]
[عدل]قانون الأنوع المهددة الأميركي
قامت وزارة الداخلية الأميركية في 14 مايو 2008 بوضع الدب القطبي ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض وفقا لقانون الأنواع المهددة، باعتبار أن ذوبان الجليد البحري القطبي يشكل الخطر الأساسي على بقاء هذه الحيوانات.[122] إلا أنه على الرغم من ذلك، سرعان ما قامت الوزارة بإصدار بيان نصّت فيه على أن هذا التصنيف لا يجوز أن يتخذ منه سببا للتقليل من انبعاثات غازات الدفيئة أو للضغط على مصادر إصدارها، حيث قالت: "إن هذا سيكون استغلالا غير صحيح على الإطلاق لقانون الأنواع المهددة، فوكالة الفضاء الأوروبية ليست بالأداة المناسبة التي تحدد سياسة الولايات المتحدة بشأن المناخ".[123] إلا أن بعض المحللين السياسيون يقول بأنه على الرغم من موقف الحكومة هذا، فإن قانون الأنواع المهددة يمكن الرجوع إليه للتقييد على صلاحيات الحكومة بإعطاء أذونات فيدرالية لبعض المشاريع التي من شأنها أن تزيد من نسبة انبعاثات غازات الدفيئة وبالتالي تهديد الدببة القطبية.[122] تعهدت بعض الجمعيات البيئية أن ترفع هذا الأمر للقضاء حتى يُصار إلى التوسع في تفسير القانون على نحو يمنع أية مشاريع مصدرة لهكذا غازات من أن تنشأ.[122] وفي 8 مايو 2009، أعلنت إدارة باراك أوباما أنها ستستمر على نهج تلك السياسة الماضية دون أي تعديل.[124]
وعندما قامت وزارة الداخلية بتصنيف الدب القطبي على أنه حيوان مهدد بالانقراض، فإنها أخذت في نفس الوقت على عاتقها بأن لا تتعرض لمشروعات التنقيب عن النفط والغاز في مسكن الدببة القطبية شريطة أن يلتزم أصحاب هذه المشاريع بالقيود المفروضة التي نص عليه قانون حماية الثدييات البحرية.[125] وتعتبر الحماية الأساسية الجديدة التي حظيت بها الدببة القطبية في ظل هذا التصنيف هي منع استيراد الصيادين أي تذكارات صيد حصلوا عليها جرّاء صيد دببة قطبية في كندا.[125]
يعتبر الدب القطبي النوع الثالث فقط من الحيوانات التي خضعت للحماية بموجب قانون الأنواع المهددة بسبب الاحتباس الحراري، بعد مرجان ألكهورن ومرجان ستاغهورن. وفي 4 أغسطس 2008، قامت ولاية ألاسكا بمقاضاة وزير الداخلية الأميركي ديرك كيمبثورن، الذي كان يسعى لإخراج الدببة القطبية من هذا التصنيف، بسبب قلقه من أن وضع الدببة كحيوانات مهددة من شأنه أن يؤثر سلبا على نشاط استخراج الغاز والنفط في الولاية وما يمكن أن يكون لذلك من توابع سلبية على الاقتصاد الوطني.[126] قالت حاكمة ألاسكا، سارة بالين، أن هذا التصنيف ليس قائما على أفضل المعلومات العلمية والتجارية المتوافرة، وهذه وجهة نظر يرفضها خبراء الدببة القطبية.[126]
كان تشريع هذا القانون قد سبقه عدد من السنوات التي ساد فيها الجدال. ففي 17 فبراير 2005، قام مركز التنوع الأحيائي بإرسال عريضة إلى الجهات المختصة يطلبون فيها أن يُشمل الدب القطبي بحماية قانون الأنواع المهددة، وبعد فترة تمّ التوصل لاتفاقية وإرسالها إلى محكمة المقاطعة الفدرالية بتاريخ 5 يونيو 2006. وبموجب هذه الاتفاقية اقترحت هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية بتاريخ 9 يناير 2007، أن يتم تصنيف الدب القطبي على أنه من الحيوانات المهددة بالانقراض. تطلّب القانون صدور قرار أخير أخر بتاريخ 9 يناير 2008، وفي هذه الفترة أفادت الوكالة أنها لا تزال تحتاج للمزيد من الوقت حتى يمكنها إصدار أي قرار حاسم بهذا الشأن.[127]
بتاريخ 7 مارس 2008 بدأ المفتش العام في وزارة الداخلية الأميركية تحقيقا أوليّا بشأن تأخر صدور القرار لحوالي الشهرين من الزمن،[127] وكان هذا التحقيق نتيجة لرسالة وقّعت عليها ستة جمعيات بيئيّة وتنص على أن مدير هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية دايل هول خرق المبادئ العلمية للوكالة عن طريق تأخيره لصدور القرار بلا عذر مقبول، مما سمح للحكومة أن تقوم بتأجير عدد من آبار النفط والغاز بالمزاد العلني في بحر الشوكشي بألاسكا، وهي منطقة تعتبر مؤل أساسي للدببة القطبية،[127] وكان المزاد العلني قد وقع في أوائل فبراير 2008.[127] قال أحد المحررين في صحيفة نيويورك تايمز أن "هذين التحركين هما على الأكثر، وللسخرية، مرتبطين".[23][128] نفى هول أن يكون التأخر راجعا لتدخل سياسي، وإنما قال بأن الهدف من وراء ذلك كان لصدور القرار بشكل مفهوم.[127] وفي 28 أبريل 2008، أصدرت محكمة فدراليّة حكمها بأن القرار حول تصنيف الدب القطبي كحيوان مهدد أو غير مهدد يجب أن يصدر في مهلة أقصاها 15 مايو 2008؛[129] فصدر في 14 مايو.[125]
[عدل]قانون الأنواع المهددة الكندي
طالبت جمعية وضع الحياة البرية الكندية المهددة (بالإنكليزية: Committee on the Status of Endangered Wildlife in Canada، وبالفرنسية: Le Comité sur la situation des espèces en péril au Canada) في أبريل 2008 أن يتم وضع الدب القطبي ضمن قائمة الحيوانات ذات الوضع الخاص وفقا لقانون الأنواع المهددة الفدرالي. وخلال هذه الفترة سوف يُعمل على إصدار خطة للحفاظ عليه خلال خمس سنوات، وهي فترة زمنية ينتقدها الصندوق العالمي لتمويل الحفاظ على البيئة ويقول بأنها طويلة للغاية كي تمنع حصول تغييرات كبيرة مؤثرة على مسكن هذه الحيوانات جرّاء التغير المناخي.[130]
[عدل]تمثيل الدب القطبي في الثقافة الإنسانية
[عدل]في فلكلور سكان القطب الأصليين
رسم على ناب فظ، قام به أحد الأفراد من الشوكشي خلال أربعينات القرن العشرين، وهو يُظهر دبّا قطبيا يصطاد فظا.
لعبت الدببة القطبية دورا مهما في ثقافة سكان القطب الشمالي الأصليين وفي حياتهم اليومية لوقت طويل من الزمن.[78][79] فقد تمّ العثور على بقايا للدببة القطبية في مواقع صيد تعود لما بين 2,500 و 3,000 سنة،[82] بالإضافة لرسومات كهفيّة في تشوكوتكا تعود لحوالي 1,500 عام.[79] يقترح البعض بأن مهارة السكان الأصليين في صيد الفقمات وبناء منازلهم القبانيّة تعود جزئيّا لمراقبتهم الدببة والتعلم منها.[79]
للإنويت والإسكيمو عدد من القصص الفلكلورية التي تتحدث عن الدببة، بما فيها بعض الأساطير التي تتخذ فيها الدببة شكل آدميين عندما تكون بداخل منازلها الخاصة، ومن ثمّ ترتدي جلد دب عندما تخرج، بالإضافة لقصص عن كيفيّة خلق المجموعة الفلكية من النجوم والتي يُقال أنها تشابه دبّا كبيرا تحيط به كلاب.[77] تعكس هذه الأساطير احتراما عميقا للدب القطبي، الذي يُصوّر على أنه ذو قوّة روحية من جهة وأنه مواز وقريب للبشر من جهة أخرى.[77] يُعتقد بأن وضعية الدب أثناء جلوسه وأثناء وقوفه المشابهة لوضعية الإنسان، بالإضافة للتشابه بين جيفة الدب المسلوخة وجثة البشري، قد ساهمت على الأرجح في إنشاء وتطوّر المعتقد الذي يقول بأن أرواح الدببة والآدميين قابلة للتبادل فيما بينها والتقمص.[77]
كانت شعوب الشوكشي واليوبك من شرقي سيبيريا تقيم احتفالا شامانيّا واقفا على مدى فترة طويلة يكون بمناسبة "الشكر" للدب القطبي المُصاد. فبعد قتل الحيوان، كان رأسه يُنزع ويُسلخ جلده ويُنظفان جيدا قبل إحضارهما إلى المنزل، بينما تُقام وليمةً في مخيم الصيد على شرفه. وفي سبيل تهدئة وإرضاء روح الدب، كان الناس يقرعون الطبول ويُغنون أغاني تقليدية، كما كان يتم إطعام جمجمة الدب وتقديم الغليون لها،[131] ولم تكن الجمجمة تنزع عن الجلد حتى يتم إرضاء الروح، فإذا ما تم ذلك كانت تؤخذ بعيدا عن حدود المنزل وتوضع على الأرض حيث تواجه الشمال.[79] إن الكثير من هذه التقاليد تلاشى اليوم، خصوصا بعد الحظر الكلّي للصيد في الإتحاد السوفياتي (روسيا حاليّا) منذ عام 1955.
كان شعب النانت، من شمال أواسط سيبيريا، يُقدّر تقديرا كبيرا القوة الطلسميّة للأنياب البارزة للدب القطبي، فكانوا يتاجرون بها مع القرى الواقعة جنوبي نهريّ ينيساي وخاتنغا ويبيعونها لسكان الغابات القاطنين المناطق الجنوبية، الذين كانوا يخيطونها على قبعاتهم كوسيلة لحمايتهم من الدببة البنية. كان يُعتقد بأن "ابن الأخ الأصغر" (الدب البني) لن يتجرأ على مهاجمة إنسان يضع أنياب "عمه الكبير" القوي (الدب القطبي).[79] كانت جماجم الدببة القطبية المقتولة تدفن في بعض المواقع الخاصة المقدسة، أما المذابح الإلهيّة المسماة "سيديانغي" فكانت تُشيّد من جماجم الدببة القطبية، وقد عُثر على الكثير من هذه المواقع محفوظا في شبه جزيرة يامال.[79]
لوحة القيادة من المقاطعات الشمالية الغربية.
قطعة الدولارين الكندية المعدنية، يظهر عليها دبا قطبيا.
[عدل]الدب القطبي كشعار وكجالب للحظ
إن مظهر الدببة القطبية الخارجي المميز، بالإضافة لربطها غالبا بالقطب الشمالي، جعل منها رموزا مشهورة للغاية، وبشكل خاص في المناطق التي تستوطنها. يظهر الدب القطبي على قطعة النقود المعدنية الكندية من فئة دولارين، وكذلك فإن لوحات القيادة في كل من المقاطعات الشمالية الغربية ونونافوت في كندا تأخذ شكل هذه الحيوانات. الدب القطبي هو جالب الحظ لجامعة بودوين في ولاية مين الأميركية، كما تمّ اختياره كجالب حظ أيضا للألعاب الأولمبية الشتويي لعام 1988 التي جرت في مدينة كالغاري.
استعملت بعض الشركات، ولا يزال البعض منها، صورا للدب القطبي عند تسويق منتجاتها، ومن هذه الشركات: كوكاكولا، المرطبات القطبية (بالإنجليزية: Polar Beverages)، نيلفانا، روم باندابيرغ (بالإنجليزية: Bundaberg Rum)، وغود هيومر بريرز (بالإنجليزية: Good Humor-Breyers) أما شركة Fox's Glacier Mints فقد استخدمت دبّا قطبيا يُدعى "بيبي" كشعار جالب للحظ لها منذ عام 1922.[132]
كتاب صيد للأولاد من عام 1890.
[عدل]في الأدب
طابع سوفياتي من عام 1987 يظهر عليه دب قطبي.
تظهر الدببة القطبية بشكل واسع في الأعمال الأدبية كذلك الأمر، وبشكل خاص في الكتب الموجهة لجمهور الأطفال أو اليافعين، ومثال ذلك: ابن الدب القطبي (بالإنجليزية: The Polar Bear Son) المقتبسة عن قصة تقليدية للإنويت.[133] تظهر الدببة القطبية بشكل كبير في رواية شرق (بالإنجليزية: East) (التي تمّ إصدارها أيضا تحت عنوان ابن الشمال) تأليف أديث باتو، الدب (بالإنجليزية: The Bear) تأليف ريمون بريغز، وسلسلة النار بالداخل (بالإنجليزية: The Fire Within) تأليف كريس ديلايسي. الدببة المدرعة في الثلاثية الخيالية لفيليب بولمن أغراضه القاتمة (بالإنجليزية: His Dark Materials) عبارة عن دببة قطبية موقرة تظهر صفا شبيهة بصفات الإنسان، وهي كذلك تظهر بشكل واسع في فيلم عام 2007 المقتبس عن البوصلة الذهبية (بالإنجليزية: The Golden Compass).
يُعتبر الدب القطبي مفترسا فوقيا عبر جميع أنحاء موطنه، حيث تعتمد الكثير من أنواع الحيوانات الأخرى، وبشكل خاص الثعالب القطبية والنوارس الرمادية المزرقة، على نجاحه في الصيد كي تقوم بتقميم بقايا ذبائحه.[42]
ثعلب قطبي يحوم حول دب قطبي بانتظار انتهاءه من الاقتيات على الجيفة.
إن علاقة الدببة القطبية بالفقمات المطوقة وثيقة لدرجة أن كثافتها في بعض المناطق يظهر بأنها تتحكم بكثافة الدببة، فكلما زادت أعدادها كلما ازدادت أعداد الدببة والعكس صحيح، وبالمقابل فإن افتراس الدببة للفقمات يتحكم بأعدادها ومستوى نجاحها التناسلي.[46] يُعتقد أن الضغط الذي تمارسه الدببة القطبية على الفقمات كان سببا وراء ظهور عدّة اختلافات بين فقمات القطب الشمالي والقطب الجنوبي، حيث لا يوجد مفترس رئيسي كبير قاطن لليابسة. فعند مقارنة الفقمات الشمالية بالجنوبية، يظهر بأن الأولى يسخدم الفرد منها فتحات تنفس متعددة أكثر من أقاربه في الجنوب، كما تظهر الفقمات الشمالية أكثر تيقظا عندما توجد على الجليد، ومن النادر لها أن تتبرز خارج المياه.[42] وبالإضافة لذلك فإن فراء معظم صغار فقمات القطب الشمالي يكون أبيض عند الولادة وذلك كي يؤمن لها التمويه من المفترسات البريّة المتعددة، أما فراء جميع فقمات القطب الجنوبي فيكون داكنا عند الولادة.[42]
يندر أن تدخل الدببة القطبية في نزاع مع ضوار أخرى، على الرغم من أن بعض التقارير تفيد بتوغل بعض الدببة البنية في مناطق الدببة القطبية مؤخرا حيث احتكت معها بشكل عدائي. تميل الدببة البنية أن تهيمن على القطبية عندما يلتقي الإثنان حول ذبيحة،[74] كما تمّ العثور على جيف دياسم قطبية في جحور دببة بنية.[75] لا تلتقي الدببة القطبية بالذئاب عبر موطنها في الغالب، على الرغم من وجود تقريرين يفيدان بقيام قطعان من الذئاب بقتل دياسم قطبية.[76]
[عدل]صيد الدببة القطبية
[عدل]السكان الأصليون
جلود وفراء دببة قطبية بعد صيدها في بلدة لتّوقورتورميت، غرينلاند.
كانت الدببة القطبية، ولا تزال تؤمن الكثير من المواد الخام لسكان الدائرة القطبية الشمالية الأصليين، مثل الإنويت، اليوبك، الشوكشي، النينيت، والبومور الروس، وكان الصيادون في العادة يستخدمون فرقة من الكلاب لتشتيت انتباه الدب مما يفتح المجال أمام الصياد ليقوم بطعنه بالرمح أو إطلاق عدد من السهام عليه من على مسافة قريبة.[77] كانت جميع أجزاء هذه الحيوانات تقريبا تُستخدم في استعمالات مختلفة،[78] فالفراء كان يُستخدم لحياكة السراويل بشكل خاص، ولصناعة أغطية خارجية للقدمين شبيهة بالخف، يطلق عليها شعب النينيت توبوك، كما وكان يتم أكل اللحم على الرغم من خطر الإصابة بداء الشعرية أو الترخينة؛ أما الدهون فكانت تستعمل كوقود لإضائة المنازل إلى جانب شحوم الفقمات والحيتان. بالإضافة لذلك كانت أوتار الأقدام تستخدم كخيوط لحياكة الملابس؛ وكان يتم تجفيف المرارة والقلب في بعض الأحيان وطحنهما لأجل تحقيق أغراض طبيّة، أما الأنياب الكبيرة فكان يُحتفظ بها كطلاسم.[79] وحده كبد هذه الحيوانات لم يكن يُستعمل وذلك بسبب احتوائه على كميّة مركزة من فيتامين أي يمكنها أن تسبب التسمم بحال تمّ استهلاكها،[80] والسبب وراء هذا هو اعتماد الدب القطبي على صيد وتناول كميات كبيرة من الحيوانات البحرية التي يخزن كبدها هذه الفيتامينات والتي يخزنها الدب القطبي بالتالي في كبده،[81] وكان الصيادون يحرصون على رمي الكبد في البحر أو دفنه في الثلج كي يضمنوا عدم قيام كلابهم بتناوله.[79] كان صيد الإعاشة التقليدي هذا يتم على نطاق صغير جدا، حيث أنه لم يكن له أي تأثير على جمهرة الدببة القطبية، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى قلة الكثافة السكانية في مسكن الدببة القطبية.[82]
[عدل]تاريخ الاستغلال التجاري
مجموعة صيادين قاموا باصطياد دب قطبي من على متن غواصة خلال أوائل القرن العشرين، (1943).
كان يتم الإتجار بفراء الدببة القطبية بشكل منتظم منذ القرن الرابع عشر في روسيا، على الرغم من أن قيمته كانت منخفضة بالمقارنة مع فراء الثعالب القطبية وحتى الرنة،[79] وقد أدّى ازدياد الكثافة السكانية في القطب الشمالي الأوراسي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، بالإضافة لوصول الأسلحة النارية وتوسّع حركة التجارة، إلى ازدياد ملحوظ باستغلال الدببة القطبية تجاريّا.[36][83] إلا أنه وبسبب لعب فراء الدب القطبي دورا هامشيّا في التجارة على الدوام، فإن المعلومات المتعلقة بتاريخ استغلاله قليلة ومتجزئة، فعلى سبيل المثال يُعرف أنه بشتاء عام 1784 أو 1785 قام البومور الروس المقيمين في جزيرة سبيتسبيرغن (أكبر جزر أرخبيل السفالبارد) بقتل 150 دب قطبي في زقاق ماغداليني البحري،[79] وفي أوائل القرن العشرين كان الصيادين النروجيين يقتلون 300 دب سنويا في نفس الموقع. تُظهر تقديرات عمليات الصيد التاريخية للدببة القطبية أنه منذ بداية القرن الثامن عشر كان ما بين 400 و 500 حيوان يقتلون سنويّا في شمالي أوراسيا، قبل أن تبلغ هذه الأعداد ذروتها في أوائل القرن العشرين حيث يقدّر تراوح أعداد الحيوانات المصيدة عند ذلك بين 1,300 و 1,500 دب، أما بعد ذلك فقد انخفضت هذه الأرقام بسبب تراجع أعداد الدببة القطبية.[79]
وفي النصف الأول من القرن العشرين وصلت آليّات الصيد والأسر الميكانيكية المتفوقة إلى أميركا الشمالية كذلك الأمر،[84] فأخذ الصيادون يطاردون الدببة القطبية في زلاقات الجليد الآلية، كاسحات الجليد، والطائرات، وقد وُصف الصيد بالأسلوب الأخير عام 1965 بكلمة رئيس التحرير في مجلة نيويورك تايمز على أنه "ذو روح رياضيّة مماثلة تماما لروح شخص يقتل بقرة برشاش".[84] إزداد عدد الدببة التي قتلت بشكل سريع خلال ستينات القرن العشرين، وبلغت ذروتها حوالي عام 1968، حيث بلغ إجمالي الحيوانات التي كانت تقتل في السنة 1,250.[85]
[عدل]القوانين المعاصرة
أدّى الخوف والقلق حول مستقبل الدببة القطبية إلى ظهور عدد من التشريعات الدوليّة المنظمة لصيد هذه الحيوانات، بدأ من منتصف خمسينات القرن العشرين.[86] وفي عام 1973 تمّ التوقيع على الاتفاقية الدولية للحفاظ على الدببة القطبية من قبل الدول الخمس التي تعيش الدببة القطبية على أراضيها وهي: كندا، الدنمارك (غرينلاند)، النروج (سفالبارد)، الإتحاد السوفياتي (روسيا حاليّا)، والولايات المتحدة (ألاسكا). تعرف هذه الاتفاقية أيضا باتفاقية أوسلو، وتعتبر إحدى الحالات النادرة للتعاون الدولي خلال فترة الحرب الباردة. يقول عالم الأحياء إيان ستيرلنغ: "لعدد من السنوات، كان الحفاظ على الدببة القطبية المسألة الوحيدة في القطب الشمالي بأكمله التي استطاعت دولا تنتمي للجهتين المختلفتين من الستار الحديدي أن تتفق عليها بشكل كاف يجعلها توقع إتفاقية بشأنها. هكذا كانت درجة انبهار البشر بهذا المفترس المذهل، الدب البحري الوحيد".[87]
على الرغم من أن هذه الاتفاقية لا تعتبر بأنها تحوز القوة الآمرة بنفسها، فإن الدول الأعضاء التي وقعت عليها اتفقت على وضع قيود متعددة على الصيد الترفيهي والتجاري لهذه الحيوانات، منع صيدها من الطائرات وكاسحات الجليد، والمساهمة بإجراء أبحاث جديدة لفهم الدببة بشكل أكبر.[88] تسمح الاتفاقية للسكان المحليين بالصيد عن طريق استخدام الوسائل التقليدية، على الرغم من أن هذا البند تمّ تفسيره بطرق مختلفة وفقا لرأي كل دولة من الدول الأعضاء. تعتبر النروج الدولة الوحيدة من بين الدول الخمس التي منعت الاستغلال التجاري للدببة القطبية بكافة صوره.
قامت البعض من هذه الدول بإبرام اتفاقيات مزدوجة بينها وبين دولة أخرى لتتشارك في إدارة جمهرات الدببة القطبية المشتركة على أراضيها. ومن هذه الاتفاقيات تلك التي وقعتها روسيا والولايات المتحدة في أكتوبر عام 2000، بعد عدّة شهور من المفاوضات، والتي تتضمن تحديد حصص معينة يمكن للسكان الأصليين الحصول عليها عند قيامهم بالصيد الإعاشي في ألاسكا وتشوكوتكا.[89] تمّ التصديق على هذه الاتفاقية في أكتوبر 2007.[90]
[عدل]في روسيا
قام الإتحاد السوفياتي بمنع جميع أنواع اسغلال الدببة القطبية عام 1956، إلا أن الصيد غير الشرعي استمر على الرغم من ذلك، ويُعتقد بأنه لا يزال يشكل خطرا على جمهرة هذه الحيوانات في روسيا.[6] وفي السنوات الأخيرة، أخذت الدببة القطبية تزيد من وتيرة اقترابها من القرى المأهولة في تشوكوتكا شيئا فشيئا بسبب تقلص حجم الصفائح الجليدية البحرية، مما يزيد من احتمال تعرض البشر للهجوم، كما ويزيد مخاوف السلطات من أن يصبح القنص غير الشرعي مألوفا أكثر.[91] وفي عام 2007 جعلت الحكومة الروسية صيد سكان تشوكوتكا الإعاشي للدببة القطبية قانونيّا، وهي خطوة قام بتأييدها أكثر العلماء الروس المختصين بدراسة الدببة شهرة بالإضافة للصندوق العالمي لتمويل الحفاظ على البيئة، حيث اعتبرت على أنها وسيلة تحد من الصيد الغير شرعي.[91]
[عدل]في غرينلاند
إبتدأ تطبيق بعض القوانين الخاصة بمنع صيد الدببة القطبية في غرينلاند عام 1994 على نطاق ضيّق، قبل أن يتم التوسع في تطبيقها عام 2005 بناءً على قرار تنفيذي من الحكومة الدنماركية.[6] وحتى عام 2005 لم تكن غرينلاند قد وضعت أي قيود على صيد هذه الحيوانات من قبل السكان الأصليين، إلا أنه بحلول عام 2006 كانت قد وضعت حدا أقصاه 150 حيوانا يُسمح بصيدها في السنة، كما سمحت بالصيد الإعاشي لأول مرة بتاريخها.[92] ومن الاحتياطات الأخرى المقررة لحماية الدببة: حماية الأمهات وصغارها على مدار العام، قيود على الأسلحة المستعملة، وعدد من المتطلبات الإدارية اللازمة لفهرسة الدببة المُصادة.[6]
تُستخدم زحافات الكلاب في الصيد الإعاشي للدببة القطبية في كندا، أما استعمال الآلات الميكانيكية لغرض الصيد فمحظور.
[عدل]في كندا والولايات المتحدة
يقتل البشر في كندا حوالي 500 دب قطبي سنويّا،[93] وهو معدّل يعتقد العلماء أنه غير قابل لإبقائه على ماهو عليه في بعض المناطق، وبشكل خاص خليج بفن.[5] سمحت كندا بصيد الدببة لغرض الترفيه منذ عام 1970 شريطة أن يرافق الصيادون دليل محلّي وباستعمال زحافات الكلاب،[94] إلا أن هذا الأمر لم يصبح مألوفا حتى عقد الثمانينات من القرن العشرين.[95] يؤمن العمل كدليل للصيادين فرص تشغيل كثيرة ومصدر دخل معتبر لمجتمعات السكان الأصليون الذين تعتبر فرصهم الاقتصادية قليلة أساسا.[23] يمكن للصيد الترفيهي أن يؤمن ما بين 20,000 إلى 35,000 دولار كندي مقابل كل دب يتم إصطايده للمجتمعات الشماليّة، وقد أتت معظم هذه العائدات حتى مؤخرا من الصيادين الأميركيين.[96]
قامت الحكومة الأميركية بتاريخ 15 مايو 2008 بوضع الدب القطبي ضمن لائحة الحيوانات الأميركية المهددة بالانقراض وفقا لقانون الأنواع المهددة، ومنعت استيراد جميع تذكارات صيد هذه الحيوانات إلى البلاد. كانت حكومة الولايات المتحدة قد منعت استيراد جميع المنتوجات المصنوعة من أعضاء للدببة القطبية من عام 1972 حتى عام 1994 وفقا لقانون حماية الثدييات البحرية، قبل أن تقيّد استيرادها فقط في الفترة الممتدة بين عاميّ 1994 و 2008. تتطلب هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية توافر بضعة شروط حتى تمنح إجازة لطالب إدخال منتجات الدببة القطبية أو تذكار صيدها من كندا إلى الولايات المتحدة، وهذه الشروط تتمثل في: صيد الدب في منطقة يُسمح بها بالصيد بناءً على نظام الحصص، أي أنه يُسمح بصيد عدد محدد منها قليل عادةً، وأن يكون تحديد هذه الحصص قد تمّ بناءً على أساليب إداريّة سليمة.[97] تمّ إدخال ما يزيد على 800 تذكار صيد لدببة قطبية قتلت لغرض الترفيه إلى الولايات المتحدة منذ عام 1994.[98]
مما يعتبر مثيرا للسخرية، أن دعوة معأرضي نظام الحصص في صيد الدببة القطبية إلى تثبيط الصيد الترفيهي، بسبب الطريقة التي تتم بها إدارة هذا النظام بكندا، قد تؤدي في الواقع إلى زيادة عدد الدببة المُصادة في المدى القصير.[23] تخصص الحكومة الكندية عددا محددا من الإجازات في السنة للصيد الترفيهي والإعاشي، وتلك التي لا تُستعمل لغرض الصيد الترفيهي يتم إحالتها للصيد الإعاشي للسكان الأصليين. وبينما يصطاد السكان الأصليون جميع الدببة التي يُسمح لهم بصيدها في السنة، فإن أقل من نصف الصيادون الراغبون بالترفيه فقط ينجحون بقتل دب قطبي. وإن لم يستطع الصياد الترفيهي أن يقتل دبا قبل أن تنتهي فترة صلاحية إجازته، فإن هذه الإجازة لا يمكن أن تُنقل لصياد أخر.[23]
تعتبر منطقة نونافوت أكثر المناطق التي يحصل بها صيد للدببة القطبية في كندا، حيث تشكل نسبة الدببة المُصادة فيها 80% من إجمالي الدببة التي تُصاد عبر جميع أنحاء الدولة.[93] وفي عام 2005 قامت حكومة نونافوت بزيادة الحصص المسموح بصيدها من 400 إلى 518 دبّا،[99] على الرغم من معارضة بعض المجموعات العلميّة لهذا.[100] أظهرت بعض الدراسات العلميّة أنه في منطقتين من المناطق التي ازدادت فيها أعمال الاستغلال التجاري للدببة القطبية، فإن جمهراتها أخذت بالتراجع بالمقابل، بينما لم تظهر أي معلومات من منطقة ثالثة إزدادت فيها هذه الأعمال بسبب نقص المعطيات.[101] على الرغم من أن معظم الحصص تخصص لصيد السكان الأصليين من الإنويت، فإن قسم كبير منها يتم بيعه للصيادين الترفيهيين (0.8% منها تمّ بيعه في سبعينات القرن العشرين، 7.1% في الثمانينات، و 14.6% في التسعينات).[95] يُصرّ عالم الأحياء من نونافوت المتخصص بدراسة الدببة القطبية، م. ك. تايلور، المسؤول عن الحفاظ عن الدببة القطبية في المنطقة، أن أعداد الدببة القطبية مستقرّة ومُحافظٌ عليها وفق اتباع أساليب الصيد الحاليّة.[102] تحافظ حكومة المقاطعات الشمالية الغربية على الحصص المسموح بصيدها على أراضيها والتي تتراوح بين 72 و 103 دبّا بداخل مجتمعات الإنويت الذين يخصصون بدورهم جزء منها للصيادين الترفيهيين.
[عدل]حالة الحفظ، جهود الحفاظ على النوع، والجدال القائم
تظهر هذه الخريطة، من وكالة الأبحاث الجيولوجية الأميركية، التغيرات المتوقعة في مسكن الدببة القطبية خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 2001 و 2010 وصولا إلى ما بين عاميّ 2041 و 2050. تظهر المناطق الحمراء فقدان أفضل مساكن الدب القطبي؛ بينما تظهر الزرقاء المساكن المكتسبة.
تعتبر الجمهرة العالمية للدب القطبي، التي يتراوح أعداد أفرادها بين 22,000 و 25,000 دب، مسقرّة نسبيّا،[103] إلا أنه في عام 2006 قام الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) بنقل حالة حفظ هذه الحيوانات من "غير مهددة" إلى "مهددة بدرجة دنيا"، أي أنه يُحتمل أن تصبح مهددة بالانقراض بشكل متوسط أو أقصى إن لم تتخذ الإجراءات المناسبة للحفاظ عليها.[104] أفاد الإتحاد أنه "يحتمل أن الجمهرة العالمية للدببة القطبية تراجعت بنسبة أكبر من 30% خلال ثلاثة أجيال (45 سنة)" وذلك يعود بشكل أساسي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.[7] ومن المخاطر الأخرى التي تتعرض لها هذه الحيوانات: التلوّث الظاهر عن طريق الملوثات السامة، المنافسة مع صيادي الفقمات، والضغوطات التي تتعرض لها من مراقبي الحياة البرية الراغبين بالترفيه، والمنقبين عن النفط والغاز الطبيعي،[7] بالإضافة لبعض مشاريع التطوير المتعلقة بمصادر الطاقة هذه. كما اعتبر الإتحاد أن هناك "خطرا محتملا بسبب الاستغلال المكثف" عن طريق الصيد الشرعي وغير الشرعي.[7]
[عدل]الاحتباس الحراري
يعبّر كل من الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة، دراسة تقييم تأثير المناخ القطبي، وكالة الأبحاث الجيولوجية الأميركية، وعدد من علماء الأحياء المشهورين والمختصين بدراسة الدببة القطبية، عن قلقهم العميق حول أثار ظاهرة الاحتباس الحراري، بما فيه الاعتقاد بأن نمط الارتفاع بدرجات الحرارة السائد حاليّا من شأنه أن يهدد بقاء هذا النوع.[21][105][106][107][108][109]
دب قطبي بالقرب من مستوطنة بشريّة. يعتقد العلماء أنه بحال استمرار درجات الحرارة العالمية بالارتفاع، فإن هكذا مصادفات ستصبح أكثر شيوعا.
يتمثل الخطر الأساسي على الدببة القطبية جرّاء الاحتباس الحراري بقلّة التغذية أو الموت جوعا بسبب فقدان المسكن. فالدببة القطبية تعتمد على الجليد البحري كمنصة كي تصيد منها الفقمات، وارتفاع درجات الحرارة يؤدي لذوبان الجليد البحري بوقت أبكر من السنة مما يدفع بالدببة إلى الشاطئ قبل أن تكون قد خزّنت ما يكفي من الدهون الفائضة لتتمكن من البقاء خلال الفترة التي تقل فيها مصادر الغذاء أي خلال أواخر الصيف وأوائل الخريف.[69] كما أن التراجع في الصفائح الجليدية البحرية يدفع الدببة للسباحة لمسافات أطول، مما يستنفذ مخزون طاقتها وغالبا ما يؤدي لغرقها.[110] يميل الجليد البحري الرقيق إلى أن يتكسّر بسهولة أكبر، مما يجعل من الصعب على الدببة القطبية الوصول إلى الفقمات كما يظهر.[46] تتسبب قلّة التغذية بتقليل نسبة الخصوبة عند الإناث البالغة وتخفف من نسبة احتمال بقاء الدياسم والدببة اليافعة، بالإضافة لإصابة الدببة من مختلف الفئات العمرية بهزال وأمراض مختلفة ناتجة عنه.[21]
بالإضافة لتأثير تغيير المناخ على الدببة القطبية من الناحية الغذائية، فإنه يُتوقع أن يكون له تأثيرات أخرى متعددة على مظاهر حياة هذه الحيوانات: فالتغيرات الحاصلة للجليد البحري تؤثر على مقدرة الإناث الحوامل على بناء جحور أمومية مناسبة، إذ أن ازدياد بعد الصفائح الجليدية عن الشاطئ يجعل الإناث تضطر للسباحة لمسافات أكثر كي تصل لمواقع جحورها المفضلة على البر.[21] قد يؤدي ذوبان التربة المتجمدة إلى التأثير على الدببة التي اعتادت على حفر جحورها تحت الأرض، كما يمكن للشتوات الدافئة أن تؤدي لانهيار سقف الجحر على قاطنيه أو أن تجعلها أقل عزلة للحرارة.[21] وبالنسبة للدببة القطبية التي تحفر جحورها في الجليد الدائم، فإن ازدياد حركة الجليد قد تدفع الأمهات وصغارها إلى السير لمسافات أطول عندما تعود لمناطق صيد الفقمات في الربيع.[21] بالإضافة لذلك يمكن للبكتيريا والطفيليات المسببة للأمراض أن تزدهر وتنتشر بشكل أسرع في المناخ الدافئ.[46]
كانت النزاعات العنيفة بين البشر والدببة القطبية، كما في حالة بحث الدببة عن غذائها في مكبات النفايات، مرتفعة في السنوات التي ذاب فيها الجليد البحري باكرا وكانت الدببة المحليّة نحيلة نسبيّا.[105] يُعتقد أن ازدياد التفاعل بين الدببة والإنسان، بما فيه من هجومات مميتة على الأخير، يُحتمل أن تزداد وتيرته على الأكثر، إذا استمرت الصفائح الجليدية البحرية بالتراجع واضطرت الدببة الجائعة إلى البحث عن الطعام على اليابسة.[105]
تتطلب الدبة الأم وصغارها الكثير من الغذاء كي تستمر بالبقاء، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق إذا كان موسم صيد الفقمات قصيرا.
[عدل]ملاحظات مرتبطة بالاحتباس الحراري
كانت تأثيرات الاحتباس الحراري واضحة أشد الوضوح في القسم الجنوبي من موطن الدببة القطبية، ففي الواقع كانت هذه المناطق هي نفسها التي ظهر فيها انخفاضا بارزا في أعداد هذه الحيوانات خلال السنوات الماضية،[109] كما أن بعض الجمهرات قاطنة هذه الأمكنة مثل جمهرة غربي خليج هدسون، تعتبر إحدى أكثر الجمهرات التي تمت دراستها في العالم. تقتات هذه الجمهرة على الفقمات المطوقة بشكل مكثّف خلال فترة أواخر الربيع، عندما تكون الدغافل التي فُطمت لتوها متوافرة بكثرة،[101] وينتهي موسم الصيد الربيعي المتأخر هذا عندما يبدأ الجليد البحري بالذوبان والتفكك، فتقوم الدببة بالصيام طيلة الصيف أو تأكل قليلا حتى يعود البحر ليتجمد مجددا.[101]
تتفكك الصفائح الجليدية البحرية في غربي خليج هدسون حاليا بفترة أبكر بثلاثة أسابيع عمّا كانت عليه منذ 30 عاما، وذلك بسبب حرارة الجو التي ارتفعت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، وبالتالي فإن موسم صيد الفقمات عند الدببة القطبية قلّت مدته عمّا كانت عليه سابقا.[101] لوحظ كنتيجة لهذا، أن الصحة الجسدية للدببة تراجعت خلال هذه الفترة؛ فمعدل وزن أنثى وحيدة (حامل على الأرجح) بلغ قرابة 290 كيلوغرام (640 رطلا) عام 1980، و 230 كيلوغراما (510 أرطال) عام 2004.[101] وفي الفترة الممتدة بين عاميّ 1987 و2004، تراجعت أعداد الأفراد المنتمين لجمهرة غربي خليج هدسون بنسبة 22%.[111]
الدببة القطبية سبّاحة قويّة، لكن بحال استمر انكماش القطب الشمالي على هذا المنوال، فإن الكثير منها قد ينفق غرقا بسبب اضطراره للسباحة لمسافات أبعد.
ساهمت مضاعفات انكماش الجليد البحري في ألاسكا بارتفاع معدل وفيات دياسم الدببة القطبية، وأدّت إلى تغيير مواقع جحور الإناث الحوامل كذلك الأمر.[68][112] أخذت الدببة في القطب الشمالي تسبح لمسافات أكثر بعدا مؤخرا كي تعثر على طريدتها، مما أدى لأربع حالات غرق موثقة خلال الانحسار الكبير الغير عادي للجليد البحري عام 2005.[110]
[عدل]التنبؤات
تفترض وكالة الأبحاث الجيولوجية الأميركية أن ثلثي الدببة القطبية في العالم سوف تختفي بحلول عام 2050، وذلك بناءً على تصور موضوعي لانكماش الجليد البحري الصيفي بسبب الاحتباس الحراري.[46] يُعتقد أنه بحلول هذه الفترة ستكون الدببة قد انقرضت من أوروبة، آسيا، وألاسكا، وبدأت بالاستنفاذ من الأرخبيل القطبي في كندا ومناطق تقع شمالي ساحل غرينلاند. وبحلول عام 2080 ستكون هذه الحيوانات قد اختفت من غرينلاند بشكل كلّي ومن الساحل الكندي الشمالي، مما يترك أعدادا متضائلة في الأرخبيل القطبي الداخلي.[46]
تختلف التنبؤات حول مدى قابلية الدببة القطبية للبقاء على الرغم من التقلبات المناخية، عن طريق تحولها للاقتيات على مصادر غذاء أرضيّة. كتب ميتشل تايلور، مدير أبحاث الحياة البرية لحكومة نونافوت، رسالة إلى هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية يقول فيها أن الأبحاث الحاليّة لا تؤمن دليلا كافيا لحصول هذه الحيوانات على الحماية العالمية اللازمة. تنص مقدمة الرسالة على أنه "في الوقت الحالي، يُعتبر الدب القطبي أحد أكثر الثدييات القطبية المحمية بشكل جيّد، ولو التزمت جميع دول القطب الشمالي بمضمون إتفاقية الدب القطبي، وبما تفرضه عليها، فإن مستقبل هذه الحيوانات مؤمن... من الواضح أن الدببة القطبية قادرة على أن تتأقلم مع التغيرات المناخيّة، فقد تطورت واستمرت بالوجود لآلاف السنين خلال فترة اتسمت بمناخها المتقلب".[102] يقول كن تايلور، نائب المفوّض في إدارة ألاسكا للصيد والطرائد، "لن أكون متفاجأ لو تعلمت الدببة القطبية كيفيّة الاقتيات على أسماك السلمون المفرخة كما تفعل الدببة الشيباء".[23]
يعتبر الكثير من العلماء أن هذه النظريات ساذجة؛[23] فمن الملاحظ أن الدببة البنية والدببة السوداء الأميركية تكون أصغر حجما كلما ازداد ارتفاع المنطقة التي تقطنها، وذلك عائد إلى ندرة مصادر الغذاء الأرضية في هكذا أماكن،[101] وهذا أمر قد يستحيل على الدببة القطبية التأقلم معه بسبب حاجتها إلى الاقتيات على شحوم الثدييات البحرية. ومن المخاطر الأخرى على هذا النوع بحال أمضت الأفراد منه وقتا أطول على اليابسة، التهجين مع الدببة البنية أو الشيباء.[109] يقول الخبراء في الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة:
تظهر الدببة القطبية معدلات إنجاب منخفضة وأمد حياة طويل. ومن شأن هذه العوامل أن تجعل تأقلم الدببة القطبية التخيري مع التغيير الواضح في نسبة الكتل الجليدية البحرية أمرا مستبعدا. إن الدببة القطبية تأقلمت بالفعل مع تقلبات مناخية حارة في الماضي، إلا أنه بسبب أمد حياتها الطويل والسرعة الكبيرة للاحترار العالمي حاليّا، فإنه يبدو من غير المحتمل أن تكون هذه الحيوانات قادرة على التأقلم مع وتيرة ارتفاع الحرارة الحالية في القطب الشمالي. وبحال استمرت التغيرات المناخية على هذا المنوال، فإنه يُحتمل أن تختفي الدببة القطبية من معظم موطنها خلال 100 سنة.[7]
[عدل]التلوث
يمكن أن تتراكم في أعضاء الدببة القطبية مستويات مرتفعة لعدد من الملوثات العضوية المتشبثة من شاكلة البيفينيل المتعدد الكلورات (PCBs)، وعدد من مبيدات الآفات الكلوريّة. تعتبر الدببة القطبية أحد أكثر الحيوانات الموبوءة في القطب الشمالي، وذلك بسبب قبوعها على قمة الهرم الغذائي، واعتمادها على حمية تتكون بمعظمها من الشحوم الغنية بالكربونات الهاليّة.[113] يُعرف أن الكربونات الهاليّة مسمّة بالنسبة لحيوانات أخرى أيضا لأنها تحاكي البنية الكيميائية للهرمونات، والعلامات الأحيائية مثل الغلوبيولين المناعي G والفيتامين أي. تمت دراسة تأثير البيفينيل المتعدد الكلورات على الدببة القطبية أكثر من تأثير باقي العناصر، وظهر أنه يتسبب لها بتشويهات خلقية وعجز في جهاز المناعة.[114]
إن أخطر هذه العناصر الكيميائية، مثل PCBs والدي دي تي، تمّ حظر التعامل به على المستوى الدولي خلال السنوات القليلة المنصرمة، إلا أن مستوى تركزها في الأنسجة الحيوية للدببة القطبية استمر بالارتفاع لعدة عقود بعد الحظر، بما أنها كانت قد سبق واتشرت بكثافة عبر السلسلة الغذائية القطبية خلال الفترة التي استعملت فيها، ولكن يُلاحظ أن نمط الارتفاع هذا قد تراجع على الأرجح، فمستوى تركز البيفينيل المتعدد الكلورات في أنسجة الدببة إنخفض خلال الفترة التي أجريت بها الدراسات حول تأثيره بين عاميّ 1989 و1993، و1996 و2002.[115] تمّ العثور في بعض الأحيان على فائض من المعادن الثقيلة في أجساد هذه الحيوانات.
[عدل]استخراج النفط والغاز
يمكن أن تؤثر عمليات استخراج النفط والغاز في مسكن الدببة القطبية على الأخيرة بوسائل مختلفة، فقد يتركز أي تسرب نفطي في القطب الشمالي في نفس المناطق التي تتركز فيها الدببة القطبية وطرائدها على الأرجح، مثل أسقف الصفائح الجليدية البحرية.[7] قد يموت الدب القطبي جرّاء انخفاض حرارة جسده بحال تلوث فراؤه بالنفط، وذلك لاعتماد هذه الحيوانات على فرائها بشكل جزئي لتأمين العزل الحراري لها.[43] تمت ملاحظة الدببة القطبية الملوثة بأثار النفط وهي تقوم بلعقه من على فرائها مما تسبب لها بقصور كلوي قاتل.[43] يمكن أن يتعرض أمان الجحور الأمومية التي تستعملها الإناث الحوامل أو الإناث ذات الدياسم، أو يتعكر صفائها بسبب استكشاف الآبار القريبة منها واستخراج محتواها، مما قد يدفع الأم لهجر الجحر قبل الأوان أو حتى التخلي عن صغارها في بعض الأحيان.[7]
[عدل]الجدال القائم حول حماية النوع
طابع ألماني يظهر عليه الدب القطبي "كنوت" وشعار "حافظوا على البيئة حول العالم".
إن التحذيرات بشأن مستقبل الدببة القطبية غالبا ما تعارضت مع واقع أن تقدير أعداد أفراد الجمهرة العالمية أظهر أنها ازدادت خلال الخمسين سنة الماضية، وتعتبر اليوم مستقرة الحالة نسبيّا.[103][116] يُقدّر البعض أن الجمهرة العالمية تراوحت أعداد أفرادها بين 5,000 و 10,000 دب خلال أوائل عقد السبعينات من القرن العشرين؛[117] والبعض الأخر يقول أن أعدادها تراوحت بين 20,000 و 40,000 حيوان خلال ثمانينات القرن نفسه.[26][36] تُظهر التقديرات الحالية أن الجمهرة العالمية يتراوح عدد أفرادها بين 20,000 و 25,000 دب.[6]
إن الاختلاف بين التقديرات القديمة لجمهرة الدببة القطبية، والتقديرات الحالية والمستقبلية يعود لعدّة أسباب: فمن جهة كانت التقديرات التي أجريت في خمسينات وستينات القرن العشرين مبنية بمعظمها على قصص تناقلها الصيادون والمستكشفون، بدلا من بنائها على دراسات علمية،[118][119] ومن جهة ثانية، فإن القيود التي فُرضت على الاستغلال التجاري لهذه الحيوانات سمحت لها بالتكاثر والعودة بأعدادها إلى ما كانت عليه،[118] وأخيرا فإن تأثير الاحتباس الحراري الحالي على كثافة الجليد البحري كان متفاوتا بين منطقة وأخرى.[118]
أدّى الجدال حول وضع الدب القطبي ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض وفق قانون الأنواع المهددة الأميركي إلى نشوء موقفين متعارضين، أحدهما يدعم هذه الخطوة وأنصاره هم الجهات المعنية بالحفاظ على الحياة البرية، والأخر يعارضها، وأنصاره هم الإنويت الكنديون؛[23] فحكومة نونافوت والكثير من سكان الشمال قاموا بإدانة فعل الولايات المتحدة هذا،[120][121] ذلك أن الكثير من الإنويت يعتبرون أن الدببة القطبية تتزايد، وأن القيود المفروضة على الصيد الترفيهي من شأنها أن تؤدي لفقدانهم مصدر رزقهم.[23]
[عدل]قانون الأنوع المهددة الأميركي
قامت وزارة الداخلية الأميركية في 14 مايو 2008 بوضع الدب القطبي ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض وفقا لقانون الأنواع المهددة، باعتبار أن ذوبان الجليد البحري القطبي يشكل الخطر الأساسي على بقاء هذه الحيوانات.[122] إلا أنه على الرغم من ذلك، سرعان ما قامت الوزارة بإصدار بيان نصّت فيه على أن هذا التصنيف لا يجوز أن يتخذ منه سببا للتقليل من انبعاثات غازات الدفيئة أو للضغط على مصادر إصدارها، حيث قالت: "إن هذا سيكون استغلالا غير صحيح على الإطلاق لقانون الأنواع المهددة، فوكالة الفضاء الأوروبية ليست بالأداة المناسبة التي تحدد سياسة الولايات المتحدة بشأن المناخ".[123] إلا أن بعض المحللين السياسيون يقول بأنه على الرغم من موقف الحكومة هذا، فإن قانون الأنواع المهددة يمكن الرجوع إليه للتقييد على صلاحيات الحكومة بإعطاء أذونات فيدرالية لبعض المشاريع التي من شأنها أن تزيد من نسبة انبعاثات غازات الدفيئة وبالتالي تهديد الدببة القطبية.[122] تعهدت بعض الجمعيات البيئية أن ترفع هذا الأمر للقضاء حتى يُصار إلى التوسع في تفسير القانون على نحو يمنع أية مشاريع مصدرة لهكذا غازات من أن تنشأ.[122] وفي 8 مايو 2009، أعلنت إدارة باراك أوباما أنها ستستمر على نهج تلك السياسة الماضية دون أي تعديل.[124]
وعندما قامت وزارة الداخلية بتصنيف الدب القطبي على أنه حيوان مهدد بالانقراض، فإنها أخذت في نفس الوقت على عاتقها بأن لا تتعرض لمشروعات التنقيب عن النفط والغاز في مسكن الدببة القطبية شريطة أن يلتزم أصحاب هذه المشاريع بالقيود المفروضة التي نص عليه قانون حماية الثدييات البحرية.[125] وتعتبر الحماية الأساسية الجديدة التي حظيت بها الدببة القطبية في ظل هذا التصنيف هي منع استيراد الصيادين أي تذكارات صيد حصلوا عليها جرّاء صيد دببة قطبية في كندا.[125]
يعتبر الدب القطبي النوع الثالث فقط من الحيوانات التي خضعت للحماية بموجب قانون الأنواع المهددة بسبب الاحتباس الحراري، بعد مرجان ألكهورن ومرجان ستاغهورن. وفي 4 أغسطس 2008، قامت ولاية ألاسكا بمقاضاة وزير الداخلية الأميركي ديرك كيمبثورن، الذي كان يسعى لإخراج الدببة القطبية من هذا التصنيف، بسبب قلقه من أن وضع الدببة كحيوانات مهددة من شأنه أن يؤثر سلبا على نشاط استخراج الغاز والنفط في الولاية وما يمكن أن يكون لذلك من توابع سلبية على الاقتصاد الوطني.[126] قالت حاكمة ألاسكا، سارة بالين، أن هذا التصنيف ليس قائما على أفضل المعلومات العلمية والتجارية المتوافرة، وهذه وجهة نظر يرفضها خبراء الدببة القطبية.[126]
كان تشريع هذا القانون قد سبقه عدد من السنوات التي ساد فيها الجدال. ففي 17 فبراير 2005، قام مركز التنوع الأحيائي بإرسال عريضة إلى الجهات المختصة يطلبون فيها أن يُشمل الدب القطبي بحماية قانون الأنواع المهددة، وبعد فترة تمّ التوصل لاتفاقية وإرسالها إلى محكمة المقاطعة الفدرالية بتاريخ 5 يونيو 2006. وبموجب هذه الاتفاقية اقترحت هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية بتاريخ 9 يناير 2007، أن يتم تصنيف الدب القطبي على أنه من الحيوانات المهددة بالانقراض. تطلّب القانون صدور قرار أخير أخر بتاريخ 9 يناير 2008، وفي هذه الفترة أفادت الوكالة أنها لا تزال تحتاج للمزيد من الوقت حتى يمكنها إصدار أي قرار حاسم بهذا الشأن.[127]
بتاريخ 7 مارس 2008 بدأ المفتش العام في وزارة الداخلية الأميركية تحقيقا أوليّا بشأن تأخر صدور القرار لحوالي الشهرين من الزمن،[127] وكان هذا التحقيق نتيجة لرسالة وقّعت عليها ستة جمعيات بيئيّة وتنص على أن مدير هيئة الصيد والحياة البرية الأميركية دايل هول خرق المبادئ العلمية للوكالة عن طريق تأخيره لصدور القرار بلا عذر مقبول، مما سمح للحكومة أن تقوم بتأجير عدد من آبار النفط والغاز بالمزاد العلني في بحر الشوكشي بألاسكا، وهي منطقة تعتبر مؤل أساسي للدببة القطبية،[127] وكان المزاد العلني قد وقع في أوائل فبراير 2008.[127] قال أحد المحررين في صحيفة نيويورك تايمز أن "هذين التحركين هما على الأكثر، وللسخرية، مرتبطين".[23][128] نفى هول أن يكون التأخر راجعا لتدخل سياسي، وإنما قال بأن الهدف من وراء ذلك كان لصدور القرار بشكل مفهوم.[127] وفي 28 أبريل 2008، أصدرت محكمة فدراليّة حكمها بأن القرار حول تصنيف الدب القطبي كحيوان مهدد أو غير مهدد يجب أن يصدر في مهلة أقصاها 15 مايو 2008؛[129] فصدر في 14 مايو.[125]
[عدل]قانون الأنواع المهددة الكندي
طالبت جمعية وضع الحياة البرية الكندية المهددة (بالإنكليزية: Committee on the Status of Endangered Wildlife in Canada، وبالفرنسية: Le Comité sur la situation des espèces en péril au Canada) في أبريل 2008 أن يتم وضع الدب القطبي ضمن قائمة الحيوانات ذات الوضع الخاص وفقا لقانون الأنواع المهددة الفدرالي. وخلال هذه الفترة سوف يُعمل على إصدار خطة للحفاظ عليه خلال خمس سنوات، وهي فترة زمنية ينتقدها الصندوق العالمي لتمويل الحفاظ على البيئة ويقول بأنها طويلة للغاية كي تمنع حصول تغييرات كبيرة مؤثرة على مسكن هذه الحيوانات جرّاء التغير المناخي.[130]
[عدل]تمثيل الدب القطبي في الثقافة الإنسانية
[عدل]في فلكلور سكان القطب الأصليين
رسم على ناب فظ، قام به أحد الأفراد من الشوكشي خلال أربعينات القرن العشرين، وهو يُظهر دبّا قطبيا يصطاد فظا.
لعبت الدببة القطبية دورا مهما في ثقافة سكان القطب الشمالي الأصليين وفي حياتهم اليومية لوقت طويل من الزمن.[78][79] فقد تمّ العثور على بقايا للدببة القطبية في مواقع صيد تعود لما بين 2,500 و 3,000 سنة،[82] بالإضافة لرسومات كهفيّة في تشوكوتكا تعود لحوالي 1,500 عام.[79] يقترح البعض بأن مهارة السكان الأصليين في صيد الفقمات وبناء منازلهم القبانيّة تعود جزئيّا لمراقبتهم الدببة والتعلم منها.[79]
للإنويت والإسكيمو عدد من القصص الفلكلورية التي تتحدث عن الدببة، بما فيها بعض الأساطير التي تتخذ فيها الدببة شكل آدميين عندما تكون بداخل منازلها الخاصة، ومن ثمّ ترتدي جلد دب عندما تخرج، بالإضافة لقصص عن كيفيّة خلق المجموعة الفلكية من النجوم والتي يُقال أنها تشابه دبّا كبيرا تحيط به كلاب.[77] تعكس هذه الأساطير احتراما عميقا للدب القطبي، الذي يُصوّر على أنه ذو قوّة روحية من جهة وأنه مواز وقريب للبشر من جهة أخرى.[77] يُعتقد بأن وضعية الدب أثناء جلوسه وأثناء وقوفه المشابهة لوضعية الإنسان، بالإضافة للتشابه بين جيفة الدب المسلوخة وجثة البشري، قد ساهمت على الأرجح في إنشاء وتطوّر المعتقد الذي يقول بأن أرواح الدببة والآدميين قابلة للتبادل فيما بينها والتقمص.[77]
كانت شعوب الشوكشي واليوبك من شرقي سيبيريا تقيم احتفالا شامانيّا واقفا على مدى فترة طويلة يكون بمناسبة "الشكر" للدب القطبي المُصاد. فبعد قتل الحيوان، كان رأسه يُنزع ويُسلخ جلده ويُنظفان جيدا قبل إحضارهما إلى المنزل، بينما تُقام وليمةً في مخيم الصيد على شرفه. وفي سبيل تهدئة وإرضاء روح الدب، كان الناس يقرعون الطبول ويُغنون أغاني تقليدية، كما كان يتم إطعام جمجمة الدب وتقديم الغليون لها،[131] ولم تكن الجمجمة تنزع عن الجلد حتى يتم إرضاء الروح، فإذا ما تم ذلك كانت تؤخذ بعيدا عن حدود المنزل وتوضع على الأرض حيث تواجه الشمال.[79] إن الكثير من هذه التقاليد تلاشى اليوم، خصوصا بعد الحظر الكلّي للصيد في الإتحاد السوفياتي (روسيا حاليّا) منذ عام 1955.
كان شعب النانت، من شمال أواسط سيبيريا، يُقدّر تقديرا كبيرا القوة الطلسميّة للأنياب البارزة للدب القطبي، فكانوا يتاجرون بها مع القرى الواقعة جنوبي نهريّ ينيساي وخاتنغا ويبيعونها لسكان الغابات القاطنين المناطق الجنوبية، الذين كانوا يخيطونها على قبعاتهم كوسيلة لحمايتهم من الدببة البنية. كان يُعتقد بأن "ابن الأخ الأصغر" (الدب البني) لن يتجرأ على مهاجمة إنسان يضع أنياب "عمه الكبير" القوي (الدب القطبي).[79] كانت جماجم الدببة القطبية المقتولة تدفن في بعض المواقع الخاصة المقدسة، أما المذابح الإلهيّة المسماة "سيديانغي" فكانت تُشيّد من جماجم الدببة القطبية، وقد عُثر على الكثير من هذه المواقع محفوظا في شبه جزيرة يامال.[79]
لوحة القيادة من المقاطعات الشمالية الغربية.
قطعة الدولارين الكندية المعدنية، يظهر عليها دبا قطبيا.
[عدل]الدب القطبي كشعار وكجالب للحظ
إن مظهر الدببة القطبية الخارجي المميز، بالإضافة لربطها غالبا بالقطب الشمالي، جعل منها رموزا مشهورة للغاية، وبشكل خاص في المناطق التي تستوطنها. يظهر الدب القطبي على قطعة النقود المعدنية الكندية من فئة دولارين، وكذلك فإن لوحات القيادة في كل من المقاطعات الشمالية الغربية ونونافوت في كندا تأخذ شكل هذه الحيوانات. الدب القطبي هو جالب الحظ لجامعة بودوين في ولاية مين الأميركية، كما تمّ اختياره كجالب حظ أيضا للألعاب الأولمبية الشتويي لعام 1988 التي جرت في مدينة كالغاري.
استعملت بعض الشركات، ولا يزال البعض منها، صورا للدب القطبي عند تسويق منتجاتها، ومن هذه الشركات: كوكاكولا، المرطبات القطبية (بالإنجليزية: Polar Beverages)، نيلفانا، روم باندابيرغ (بالإنجليزية: Bundaberg Rum)، وغود هيومر بريرز (بالإنجليزية: Good Humor-Breyers) أما شركة Fox's Glacier Mints فقد استخدمت دبّا قطبيا يُدعى "بيبي" كشعار جالب للحظ لها منذ عام 1922.[132]
كتاب صيد للأولاد من عام 1890.
[عدل]في الأدب
طابع سوفياتي من عام 1987 يظهر عليه دب قطبي.
تظهر الدببة القطبية بشكل واسع في الأعمال الأدبية كذلك الأمر، وبشكل خاص في الكتب الموجهة لجمهور الأطفال أو اليافعين، ومثال ذلك: ابن الدب القطبي (بالإنجليزية: The Polar Bear Son) المقتبسة عن قصة تقليدية للإنويت.[133] تظهر الدببة القطبية بشكل كبير في رواية شرق (بالإنجليزية: East) (التي تمّ إصدارها أيضا تحت عنوان ابن الشمال) تأليف أديث باتو، الدب (بالإنجليزية: The Bear) تأليف ريمون بريغز، وسلسلة النار بالداخل (بالإنجليزية: The Fire Within) تأليف كريس ديلايسي. الدببة المدرعة في الثلاثية الخيالية لفيليب بولمن أغراضه القاتمة (بالإنجليزية: His Dark Materials) عبارة عن دببة قطبية موقرة تظهر صفا شبيهة بصفات الإنسان، وهي كذلك تظهر بشكل واسع في فيلم عام 2007 المقتبس عن البوصلة الذهبية (بالإنجليزية: The Golden Compass).