مراحل تاريخ مصر
قدماء المصريين
تاريخ مصر الأخمينية
تاريخ مصر اليونانية والرومانية
تاريخ مصر المسيحية
تاريخ مصر الإسلامية
تاريخ مصر المملوكية
تاريخ مصر العثمانية
تاريخ مصر العلوية
تاريخ الجمهورية المصرية
مصر القديمة هي حضارة قديمة في الشمال الشرقي لأفريقيا، كانت مصر القديمة مرتكزة على ضفاف نهر النيل في ما يعرف الآن بجمهورية مصر العربية. بدأت الحضارة المصرية في حوالي العام 3150 ق.م،[1] عندما وحد الفرعون الأول مصر العليا والسفلى، وتطورت بعد ذلك على مدى الثلاث ألفيات اللاحقة.[2] ضمت تاريخياً سلسلة من الممالك المستقرة سياسياً، يتخللها فترات عدم استقرار نسبي تسمى الفترات المتوسطة. بلغت مصر القديمة ذروت حضارتها في عصر الدولة الحديثة، وبعد ذلك دخلت البلاد في فترة انحدار بطئ. هوجمت مصر في تلك الفترة من قبل العديد من القوى الأجنبية، وانتهى حكم الفراعنة رسمياً حين غزت الإمبراطورية الرومانية مصر وجعلتها إحدى مقاطعاتها.[3]
استمد نجاح الحضارة المصرية القديمة في القدرة على التكيف مع ظروف وادي نهر النيل. وساعد التنبؤ بالفيضانات والسيطرة على أضرارها في إنتاج محاصيل زراعية وافرة أسهمت في التنمية الاجتماعية والثقافية. وقامت السلطات ومع توافر المواد اللازمة باستغلال المعادن الموجودة في منطقة الوادي والمناطق الصحراوية المحيطة به، وقامت بوضع نظام كتابة مستقل، ونظمت البناء الجماعي والمشاريع الزراعية، بالإضافة للتجارة مع المناطق المحيطة به، وتعزيز القوى العسكرية للدفاع العسكري ضد الأعداء الخارج وتأكيد الهيمنة الفرعونية على البلاد. وقد كان تنظيم تلك الأنشطة وتحفيزها يتم من خلال نخبة من من البيروقراطيين والزعماء الدينيين والإداريين تحت سيطرة الفرعون الذي حرص على التعاون والوحدة للمصريين في سياق نظام محكم للمعتقدات الدينية.[4][5]
تضمنت إنجازات قدماء المصريين استغلال المحاجر، المسح وتقنيات البناء التي سهلت بناء الأهرامات الضخمة والمعابد والمسلات، بالإضافة لنظام رياضيات عملي وفعال في الطب. وأنظمة للري وتقنيات الإنتاج الزراعي، وأول ما عرف من السفن،[6] والقيشاني المصري وتكنولوجيا الرسم على الزجاج، وأشكال جديدة من الأدب، وأول معاهدة سلام معروفة.[7] غادر مصر إرث دائم. ونسخت وقلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاق واسع، ونقل آثارها إلى بقاع بعيدة من العالم. وألهمت الأطلال والبقايا خيال المسافرين والكتاب لعدة قرون، وأدت اكتشافات في مطلع العصر الحديث عن آثار وحفريات مصرية إلى أبحاث علمية للحضارة المصرية، ومزيداً من التقدير لتراثها الثقافي في مصر والعالم.[8]
محتويات [أخف]
1 التاريخ
1.1 فترة قبل الأسر
1.2 بداية عصر الأسر
1.3 الدولة القديمة
1.4 الفترة الانتقالية الأولى
1.5 الدولة الوسطى
1.6 الفترة الانتقالية الثانية والهكسوس
1.7 الدولة الجديدة
1.8 الفترة الانتقالية الثالثة
1.9 العصر المتأخر
1.10 أسرة البطالمة
1.11 الهيمنة الرومانية
2 الحكومة والاقتصاد
2.1 الإدارة و التجارة
2.2 الحالة الاجتماعية
2.3 النظام القانوني
2.4 الزراعة
2.4.1 الحيوانات
2.5 الموارد الطبيعية
2.6 التجارة
3 اللغة
3.1 التطور التاريخي
3.2 الأصوات وقواعد اللغة
3.3 الكتابة
3.4 الأدب
4 الثقافة
4.1 الحياة اليومية
4.2 المطبخ
4.3 العمارة
5 ملاحظات
6 المراجع
7 قراءات أخرى
8 مواضيع متعلقة
9 روابط خارجية
[عدل]التاريخ
مقالات تفصيلية :تاريخ مصر القديمة و تاريخ مصر و تاريخ سكان مصر
أسر مصر القديمة
الأسر المبكرةأظهر
الدولة القديمةأظهر
الفترة الانتقالية الأولىأظهر
الدولة الوسطىأظهر
الفترة الانتقالية الثانيةأظهر
الدولة الحديثةأظهر
الفترة الانتقالية الثالثةأظهر
الفترة المتأخرةأظهر
الفترة البطلميةأظهر
ع · ن · ت
في أواخر العصر الحجري القديم، تحول المناخ في شمال أفريقيا تدريجياً إلى الحرارة والجفاف، مجبراً سكان المنطقة على التركيز على طول وادي النيل، ومنذ أن بدأ الإنسان البدائي العيش في المنطقة في أواخر العصر الجليدي منذ 120 سنة، أصبح نهر النيل شريان الحياة في مصر.[9] الخصوبة المصحوبة مع فيضان النيل أعطت السكان الفرصة لتطوير الاقتصاد الزراعي وتدعيم استقرار مجتمع مركزي أصبح كما يرعى البعض حجر الزاوية في تاريخ الحضارة الإنسانية.[10]
[عدل]فترة قبل الأسر
مقال تفصيلي :عصر ما قبل الأسرات
قبيل بداية عصر ما قبل الأسر، كان المناخ المصري القاحل أقل قحلاً مما هو عليه اليوم. وغطت حشائش السافانا مناطق واسعة من مصر واجتازتها قطعان الرعي من ذوات الحوافر. كانت الثروة الحيوانية والنباتية أكثر غزارة من الآن في جميع المناطق، وساعد منطقة نهر النيل في تكاثر جماعات من الطيور المائية. كان الصيد شائعاً بين المصريين في تلك الفترة، التي أيضاً تم استئناس العديد من الحيوانات بها.[11]
نموذجي الثاني نقادا جرة مزينة الغزلان. (الفترة قبل الأسرات)
في نحو 5000 ق.م، عاشت قبائل صغيرة في وادي النيل ونمت وطورت سلسلة من الثقافات التي كانت الزراعة وتربية الحيوانات تسيطر عليها، بالإضافة للمقتنيات من الفخار والممتلكات الخاصة التي عثر عليها. كانت أكبر تلك الحضارات هي حضارة بداري في مصر العليا، التي اشتهرت بالسراميك عالي الجودة، والأدوات الحجرية، واستخدامها للنحاس.[12]
في مصر الشمالية، تبعت البداري بحضارات أمراتيان و غيرزيان،[13] التي أظهرت عدداً من التطورات التكنولوجية. أثناء فترة حضارة الغيرزيان، أثبتت أدلة مبكرة وجود اتصال مع كنعان وساحل جبيل.[14]
في مصر الجنوبية، وازت حضارة النقادة حضارة البداري، وبدأت في التوسع على طول النيل بنحو 4000 ق.م في وقت مبكر أثناء حضارة النقادة، استورد المصريين القدماء حجر السج من إثيوبيا، الذي استخدم في نقل الريش بالإضافة لأشياءً أخرى.[15] على مدى فترة حوالي 1000 سنة، تطورت حضارة النقادة من مجتمعات زراعية صغيرة إلى حضارة قوية كان لقادتها السيطرة الكاملة على الناس والموارد في وادي النيل.[16] وسعا قادة النقادة على بسط سيطرتهم على مصر شمالاً على طول نهر النيل بتأسيس مراكز قوة في هيراكونبوليس ثم في أبيدوس.[17] وتاجروا مع النوبة في الجنوب، وواحات الصحراء الغربية في الغرب، وثقافات شرق البحر المتوسط في الشرق.[17]
صنت شعوب النقادة مجموعة متنوعة من السلع الثمينة، في انعكاس لزيادة الطاقة والثروة في طبقة النخبة، والتي شملت طلاء الفخار والمزهريات الحجرية المزخرفة ذات الجودة العالية، واللوحات الفنية والمجوهرات المصنوعة من الذهب والالبيد والعاج. وقاموا أيضاً بتطوير السيراميك الصقيل المعروف بالقيشاني والذي كان يستخدم في العصر الروماني لتزيين الكؤوس والتمائم والتماثيل.[18] وقبيل نهاية عصر ما قبل الأسرات، بدئت شعوب النقادة استخدام رموز كتابية كان من شأنها في نهاية الأمر التطور إلى نظام كامل للغة الهيروغليفية لكتابة اللغة المصرية القديمة.
[عدل]بداية عصر الأسر
لوحة نارمر يصور توحيد الأرضين. [19]
مقال تفصيلي :عصر الأسر المصرية المبكرة
قام راهب مصري في القرن الثالث قبل الميلاد بتصنيف الفراعنة بدايةً من مينا وحتى عصره إلى 30 أسرة حاكمة، وهو نفس التصنيف الذي ما يزال يستعمل حتى اليوم. واختار أن يبدأ تصنيفه الرسمي بالملك ميني (أو مينا باليونانية) الذي يسود الاعتقاد أنه وحد مملكتي مصر العليا والسفلى معاً في حوالي العام 3200 ق.م.[20] وقد حدث الانتقال إلى دولة واحدة موحدة تدريجياً، بشكل أكبر مما كان الكتاب المصريون القدماء يعتقدوا، وليس هناك أي سجلات معاصرة عن مينا. ومع ذلك يعتقد بعض الباحثين الآن أن مينا الأسطوري هو نفسه الفرعون نارمر، الذي صوّر وهو يرتدي الزي الملكي على لوحة نارمر الاحتفالية في خطوة رمزية للتوحيد.[21]
في عصر الأسر المبكرة حوالي 3150 ق.م، بسط أول فرعون سيطرته على مصر السفلى عن طريق إنشاء عاصمة في ممفيس، التي أمكن من خلالها السيطرة على القوة العاملة والزراعة في منطقة الدلتا الخصبة، بالإضافة إلى السيطرة على حركة التجارة المتجهة إلى الشام. وقد عُكست سلطة ونفوذ الفراعنة في ذلك الوقت على وضع مقابرهم وهياكلها، والتي كانت تستخدم للاحتفال بالفرعون بعد وفاته.[22] طورت الملكية وقوتها بإضفاء الفراعنة لعامل الشرعية في سيطرة الدولة على الأرض والعمل والموارد التي لا غنى عنها لبقاء ونمو الحضارة المصرية القديمة.[23]
[عدل]الدولة القديمة
مقال تفصيلي :الدولة القديمة
تمثال من المرمر Menkaura في متحف بوسطن للفنون الجميلة
أحرز التقدم في مجال العمال والفن والتكنولوجيا في عصر المملكة القديمة، حيث كانت زيادة الإنتاجية الزراعية أحد عوامل الدعم للمجالات المتطورة الأخرى، ويعزو البعض الفضل الرئيسي في التقدم إلى نظام الإدارة المركزية المتبع في ذلك الوقت.[24] وبأمر من المسؤولين، حصّلت الدولة الضرائب، ونسقت مشاريع الري لتحسين غلة المحاصيل، واستخدم الفلاحين في مشاريع البناء، وأنشئ نظام عدالة قضائي للحفاظ على السلام والنظام.[25] وكانت الدولة قادرة على رعاية وتشييد صروح بنائية ضخمة، والعمل على تزيينها في ظل فائض الموارد المتاحة. وتعتبر أهرامات زوسر وخوفو وذريتهم أكثر الرموز تخليداً للحضارة المصرية القديمة وقوة الفراعنة الذين سيطروا عليها.[بحاجة لمصدر]
وقد أدى تزايد أهمية وجود إدارة مركزية إلى نشأة طبقة جديدة من الكتاب والمثقفين والمسؤولين الذين تم منحهم مناصب رفيعة في الدولة من قبل الفرعون كمكافأة لقاء خدماتهم. وقام الفراعنة أيضاً بمنح الأراضي إلى طوائفهم وحاشيتهم لبناء المعابد وذلك لتوفير قوى ذات موارد لازمة تضمن عبادة الفرعون بعد وفاته. ومع نهاية المملكة القديمة، أدت خمسة قرون من الممارسات الإقطاعية إلى تضاءل القوة الاقتصادية للفراعنة، الذين لم يستعطوا دعم الإدارة المركزية لفترة أطول.[26] وعندما تضاءلت سلطة الفرعون لحد كبير، دعا حكام بعض الأقاليم نوماريخ للطعن في سيادة الفرعون. هذا بالإضافة للجفاف الشديد الذي ضرب البلاد بين 2200 و 2150 ق.م،[27] الذي تسبب في نهاية المطاف لدخول مصر في فترة من المجاعة والحروب عرفت لاحقاً باسم الفترة الانتقالية الأولى والتي استمرت لمدة 140 عاماً.[28]
[عدل]الفترة الانتقالية الأولى
مقال تفصيلي :فترة مصرية انتقالية أولى
بعد انهيار الحكومة المركزية في مصر في نهاية عصر المملكة القديمة، أصبحت الإدارة غير قادرة على تدعيم اقتصاد واستقرار البلاد. ولم يكن باستطاعت حكام الأقاليم الاعتماد على الملك للمساعدة في وقت الأزمات، وأدت الفترة التي تلاتها نقص الغذاء والنزاعات والخلافات السياسية إلى زيادة حدة المجاعات والحروب الأهلية صغيرة الحجم. وعلى الرغم من تلك المشاكل الصعبة، قام القادة المحليين مستهترين بالفرعون، باستغلال استقلالهم الجديد لتأسيس حضارة مزدهرة في المحافظات. وبالسيطرة على موارد المقاطعات الخاصة، أصبحت الأقاليم والمقاطعات أكثر ثراءً من الناحية الاقتصادية؛ وهي حقيقة شهدها جميع فئات المجتمع.[29] وقد اعتمد وتكيف الحرفيون المحليون على زخاف كانت ممنوعة سابقاً في عصر الدولة القديمة، بالإضافة لأساليب أدبية جديدة اتجه إليها كانت تعرب عن التفاؤل وأصالة هذه الفترة.[30]
بدأ الحكام المحليين التنافس مع بعضهم البعض على السيطرة على الأراضي والسلطة السياسية، مبتعدين عن ولائهم للفرعون. وبحلول 2160 ق,م، سيطر الحكام في هيراكليوبولس على مصر السفلى، بينما سيطرت أسرة إنتيف، إحدى العشائر المنافسة في طيبة، على مصر العليا. ومع نمو سلطة وسيطرت الإنتيف إلى الشمال، أصبح الصدام بين العشيرتين أمراً حتمياً. وقامت قوات طيبة بقيادة منتوحوتپ الثاني بهزيمة حاكم هيراكليوبولس، معيدين توحيد الأرضين وبداية عصر نهضة ثقافية واقتصادية عرفت باسم الدولة الوسطى.[31]
[عدل]الدولة الوسطى
مقال تفصيلي :الدولة الوسطى
أمنمحات الثالث ، آخر حاكم كبير من عصر الدولة الوسطى
استعاد فراعنة الدولة الوسطى رخاء البلاد واستقرارها، مما أدى لتحفيز الفن والأدب ومشاريع البناء الضخمة.[32] حكم منتوحوتپ الثاني وخلفائه من الأسرة الحادية عشر البلاد من طيبة كعاصمة للبلاد، ولكن سرعان ما تغير الأمر عند تسليم الوزير أمنمحات الأول الملكية للأسرة الثانية عشر في 1985 ق.م، عندما غيّر العاصمة وجعلها لتجتاوي التي تقع في الفيوم الآن.[33] ووضع فراعنة الأسرة الثانية عشر خطة بعيدة الأمد للاستصلاح الأراضي ونظم الري لزيادة الإنتاج الزراعي في البلاد. وأكثر من ذلك، استعاد الجيش منطقة النوبة الغنية بالمحاجر والذهب، وعمل العمال على بناء هيكل دفاعي في شرق الدلتا أطلق عليه اسم "جدران الحاكم" لصد الهجمات الخارجية.[34]
ازدهرت البلاد في الفن والدين في ظل الأمن العسكري والسياسة والأمن الزراعي. وعلى عكس موقف نخبة الدولة القديمة تجاه الآلهة، شهدت الدولة الوسطى زيادة في التعبير عن "التقوى الشخصية" أو ما يمكن أن يسمى "ديموقراطية الحياة الآخرة"، التي تعطي لكل فرد روحاً من الممكن أن تكون مرحباً بها بجوار الآلهة بعد الموت.[35] كما تميز الأدب فى المملكة الوسطى بالمؤلفات المتطورة المواضيع و الشخصيات المكتوبة في أسلوب بليغ و جرئ، و النحت النافر والتصويري لفترة الاعتقالات الخفية، كانت تفاصيل فردية وصلت إلى مستويات جديدة من الكمال التقني.[36]
سمح آخر حكام الدولة الوسطى، أمنمحات الثالث، بالمستوطنين الآسيويين بالعيش في منطقة الدلتا، لتوفير قوة عاملة كافية لا سيما في التعدين النشط وبناء المدن. ولاحقاً، أدت أعمال البناء الطموحة تلك، وأنشطة التعدين، بالإضافة إلى عدم كفاية فيضانات النيل لاحقاً في مُلكة، إلى توتر اقتصادي عجل من الاضمحلال إلى الفترة الانتقالية الثانية خلال عصر الأسرتين الثالثة عشر والرابعة عشر. وخلال هذا الاضمحلال، بدئت الطائفة الأجنبية الآسيوية في السيطرة على منطقة الدلتا، مما أدى لاحقاً وفي نهاية المطاف إلى بسط سلطتهم على مصر وعرفوا بالهكسوس.[37]
[عدل]الفترة الانتقالية الثانية والهكسوس
مقال تفصيلي :فترة مصرية انتقالية ثانية
في حوالي 1650 ق.م، ومع ضعف سلطة فراعنة الدولة الوسطى، سيطر المهاجرين والمستوطنين الآسيويين الذين يعيشون في منطقة شرق الدلتا في بلدة زوان على المنطقة وأجبرت الحكومة المركزية على التراجع إلى طيبة، حيث كان يعامل الفرعون كتابع ويدفع الجزية.[38] قلد الهكسوس ("الحكام الأجانب" أو "الملوك الرعاة") نماذج الحكم والحكومة المصرية، فنصبوا أنفسهم فراعنة، وبالتالي دمجت العناصر المصرية في ثقافة عصر برونزي|العصر البرونزي.[39]
وجد ملوك طيبة أنفسهم بعد انسحابهم محاصرين بين الهكسوس من الشمال وحليفة الهكسوس، مملكة كوش من الجنوب. وبعد مرور ما يقارب 100 عام على سيطرت الهكسوس على الحكم الذي كان يتصف بالتراخي والخمول الثقافي، استطاعت قوات طيبة من جمع ما يكفي من القوة لتحدي الهكسوس لصراع استمر لمدة 30 عام، وذلك قبل حلول العام 1555 ق.م[38] وقد تمكن الفرعونان سقنن رع الثاني وكامس من هزيمة النوبيين في الكوش، لكن يرجع فضل القضاء على الهكسوس نهائياً في مصر لخليفة كامس الفرعون أحمس الأول. في عصر الدولة الحديثة التي تلت ذلك، أصبحت العسكرية أولوية رئيسية بالنسبة إلى الفراعنة الذين سعوا إلى توسيع لحدود مصر وتأمين هيمنة كاملة لها في الشرق الأدنى.[40]
أقصى حد الإقليمية لمصر القديمة (القرن 15 قبل الميلاد)
[عدل]الدولة الجديدة
مقال تفصيلي :الدولة الحديثة
أنشأ فراعنة المملكة الجديدة فترة ازدهار غير مسبوقة بتأمين حدودها و تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع جيرانها. شنت الحملات العسكرية تحت قيادة تحتمس الأول وحفيده تحتمس الثالث مدت نفوذ الفراعنة في سوريا وبلاد النوبة، تدعيماً للولاء وفتح فرص الحصول على الواردات الحساسة مثل البرونز والخشب.[41] وبدء ملوك وفراعنة الدولة الحديثة حملة بناء واسعة النطاق لتعزبز الإله أمون، الذي ازدادت عبادته وكانت مقراً في معبد الكرنك. كما أنهم شيدوا الصروح لتمجيد الإنجازات الخاصة بهم، سواء كان حقيقيةً أو تخيلاً. وقد استخدمت الملكة الأنثى حتشبسوت مثل هذه الدعاية لتضفي شرعية على دعواها إلى العرش.[42] وتميز عصرها الناجح بالبعثات التجارية إلى بنط، ومعبد جنائزي أنيق، بالإضافة إلى زوج من المسلات الضخمة ومعبد في الكرنك. وعلى الرغم من إنجازاتها، سعى ربيب حتشبسوت، تحتمس الثالث لمحو ارثها قبيل نهاية حكمة، الأمر الذي قد يكون بدافع الانتقام لاغتصابها عرشه.[43]
أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني الجناح مدخل معبد أبو سمبل له.
حوالي العام 1350 ق.م، هُدِدَ استقرار الدولة الجديدة عندما وصل أمنحوتب الرابع إلى العرش، الذي وضع سلسلة من الإصلاحات الفوضوية والجذرية. بتغير اسمه إلى إخناتون (أي عبد أتون)، روج أمنحوتب الرابع إله الشمس أتون على أنه الإله الأعلى، وعلى أنه واحدٌ لا شريك له، ووحد عبادة جميع الآلهة في عبادة أتون، حيث قمع ومنع عبادة آلهة أخرى غير أتون، وهاجم سلطة وقوة المؤسسة الكهنوتية في ذلك الوقت.[44] بالإضافة لنقله العاصمة إلى مدينة أخناتون الجديدة (تل العمارنة حالياً)، ولم يكترث للشؤون الخارجية وانكب على استيعاب نفسه في دينة الجديد وأسلوبه الفني. بعد وفاته، تم التخلي سريعاً عن عبادة أتون، وقام كلٌ من توت عنخ أمون وخپر خپرو رع آي، وحورمحب بمسح جميع التفاصيل العائدة لبدعة إخناتون، أو كما تعرف باسم فترة تل العمارنة.[45]
وعند تولي رمسيس الثاني العرش، والمعروف أيضاً برمسيس العظيم، وذلك في حوالي 1279 ق.م، عمل على بناء المزيد من المعابد، وإقامة المزيد من التماثيل والمسلات، بالإضافة لإنجابه أطفال أكثر من أي فرعون في التاريخ.[46] وقاد بجراءة في معركة قادش ضد الحيثيين، والتي أسفرت وبعد قتالٍ عنيف دام لأكثر من 15 عاماً، عن أول وأقدم معاهدة سلام عرفها التاريخ، وكان ذلك في العام 1258 ق.م.[47] وكانت ثروة مصر ونمائها الاقتصادي والاجتماعي سبباً جعل مصر وأرضها أرضاً مغرية للغزو من القوى الأجنبية، خاصةً تاريخ ليبيا القديم|الليبيين وشعوب البحر. تمكن الجيش في بداية الأمر من صد هذه الغزوات وردعها، ولكن مع زيادة وتكثيف الغزوات فقد مصر السيطرة على أراضي سوريا وفلسطين. و زاد تأثير التهديدات الخارجية مع تفاقم المشاكل الداخلية مثل الفساد و سرقة المقابر و الاضطرابات المدنية. و قام كبار الكهنة في معبد أمون في طيبة بجمع مساحات شاسعة من الأرض و الثروة، و أدت قوتهم المتزايدة إلى انشقاق البلاد خلال الفترة الوسطى الثالثة (عصر الاضمحلال الثالث).[48]
حوالي 730 قبل الميلاد الليبيين من الغرب كسر الوحدة السياسية للبلد.
[عدل]الفترة الانتقالية الثالثة
مقال تفصيلي :فترة مصرية انتقالية ثالثة
بعد وفاة رمسيس الحادي عشر في 1078 ق.م، فرض سمندس السلطة على الجزء الشمالي من مصر، وجعل مدينة تانيس مقر حكمه. أما الجنوب، فقد كان واقع فعلياً تحت سيطرة "كهنة آمون في طيبة"، الذين اعترفوا بحكم سمندس بالاسم فقط.[49] وخلال هذا الوقت، استقر الليبيون ضمن قبائل في منطقة غرب الدلتا، وبدأ شيوخ تلك القبائل في زيادة سلطتهم تدريجياً. و سيطر أمراء ليبيا على الدلتا تحت إمارة شيشنق الأول في 945 ق.م، و أسس ما يسمى أسرة بوباستيس التي حكمت لنحو 200 عاما. كما سيطر شيشنق أيضا على جنوب مصر من خلال وضع أفراد من أسرته في مراكز كهنوتية هامة. و لكن بدأت سيطرة الليبيون في التآكل مع نشأت سلالات منافسة في منطقة دلتا وتهديد أسرة مملكة الكوش من الجنوب. وبحلول 727 ق.م، غزا الملك الكوشي بعنخي الشمال، وسيطر في نهاية المطاف على طيبة والدلتا.[50]
انهارت هيبة مصر بعيدة المدى انهيرا كبيرا نحو نهاية الفترة الوسطى الثالثة. حيث قل حلفائها الأجانب في إطار نفوذ الإمبراطورية الآشورية و بحلول 700 قبل الميلاد أصبحت الحرب بين البلدين أمرا حتميا. بدء الآشوريين هجومهم وغزوهم على مصر في الفترة بين 671 و 667 ق.م. و قد امتلأت منطقة كل من الملكي الكوشيين طهارقة و خليفته، تنتامانى، بصراع مستمر مع الآشوريين، ضد الحكام النوبيين الذين تمتعوا بالعديد من الانتصارات.[51] في نهاية المطاف، دفع الآشوريين الكوشيون وأجبروهم على العودة إلى النوبة، واحتلوا ممفيس، وعزلوا معابد طيبة.[52]
[عدل]العصر المتأخر
مقال تفصيلي :عصر مصري متأخر
مع عدم وجود خطط دائمة للغزو، ترك الآشوريون السيطرة على مصر لسلسلة من التوابع التي أصبحت تعرف باسم ملوك سايت من الأسرة السادسة و العشرين. وبحلول 653 ق.م تمكن ملك السايت إبسماتيك الأول من طرد الآشوريين بفضل المرتزقة اليونانية الذين تم تجنيدهم لتشكيل أول بحرية مصرية. ثم امتد تأثير اليونان بشكل كبير حيث أصبحت مدينة نيكراتيس وطن اليونانيين في منطقة دلتا. واستقر ملوك سايت فى مقرهم الجديد في العاصمة سايس لفترة وجيزة لكونها شهدت نشاط في الاقتصاد و الثقافة، و لكن في 525 ق.م، بدأ الفرس ذو النفوذ بقيادة قمبيز الثاني، غزوهم لمصر، وفي النهاية اسر الفرعون بسماتيك الثالث في معركة الفرما. ثم تولى قمبيز الثانى لقب فرعون رسميا، لكنه حكم مصر من مسقط رأسه شوشان، و ترك مصر تحت حكم أحد الساتراب. و قد شهد القرن الخامس قبل الميلاد نجاح بعض الثورات ضد الفرس، و لكن مصر لم تكن قادرة على الإطاحة الدائمة بالفرس.
وبعد ضم مصر من قبل الفرس، انضمت مصر مع قبرص وفينيقيون في الساتراب السادس من أخمينيون|الامبراطورية أخمينيونية الفارسية. انتهت الفترة الأولى من الحكم الفارسي على مصر، والمعروفة أيضاً بالأسرة السابعة والعشرين، في 402 ق.م، وفي الفترة مابين 380-343 ق.م، حكمت الأسرة الثلاثون كأخر الأسر الملكية المحلية في مصر، والتي انتهت من مع حكم الملك ناخثورب الثاني. حدثت بعد ذلك محاولة متواضعة لاستعادة الحكم الفارسي، تعرف أحياناً باسم الأسرة الحادية والثلاثون، بدئت في 343 ق.م، وانتهت بعدها في 332 ق.م بتسليم الحاكم الفارسي مازاسيس بتسليم مصر إلى الإسكندر الأكبر من دون قتال.[53]
[عدل]أسرة البطالمة
مقالات تفصيلية :تاريخ مصر البطلمية و بطالمة
غزا الإسكندر الأكبر مصر في 332 ق.م، ووجد مقاومة لا تذكر من الفرس، في حين رحب به من قبل المصريون باعتباره المخلص من الحكم الفارسي. استندت الإدارة التي أنشئها البطالمة خلفاء الأسكندر، على النموذج المصري للحكم، واتخذت من مدينة الإسكندرية الجديدة عاصمة لها. وكان الغرض الأساسي لها هو عرض قوة وسيادة الحكم اليوناني، وأصبحت مقرا للتعليم والثقافة، وتركزت في مكتبة الإسكندرية الشهيرة.[54] وأضاءت منارة الإسكندرية الطريق لكثير من السفن التجارية التي تتدفق عبر المدينة، حيث جعل البطالمة التجارة و المشاريع المدرة للدخل، مثل صناعة ورق البردى، على رأس الأولويات.[55]
ولم تحل الثقافة اليونانية محل الثقافة الوطنية المصرية، حيث أيد البطالمة التقاليد الاجتماعية والدينية المتبعة على مر الزمان في محاولة لضمان ولاء السكان. و قاموا ببناء معابد جديدة على غرار الطراز المصري لدعم المعتقدات الدينية التقليدية، و صوروا أنفسهم كالفراعنة. من جهة أخرى، اندمجت بعض التقاليد المصرية واليونانية معا، حيث ولفت الألهة المصرية مع اليونانية في إطار ديني واحد، مثل سيرابيس، وأعمال الزخرفة اليونانية التي جسدت وتأثرت بالزخارف المصرية التقليدية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتهدئة المصريين، اعترض البطالمة تمرد محلي كان من الأسر المحلية المنافسة، وتجمع الإسكندرية ذو النفوذ الذي تشكل بعد وفاة بطليموس الرابع.[56] بالإضافة إلى ذلك، ومع ازدياد اعتماد روما القديمة|روما على واردات الحبوب من مصر، أولى الرومان اهتماماً كبيراً للحالة السياسية للبلاد. و أدى تواصل الثورات المصرية، والطموح السياسي لدى البعض والمعارضين السوريين الأقوياء إلى عدم استقرار الأوضاع الداخلية، مما أجبر روما على إرسال قوات لتأمين البلاد باعتبارها مقاطعة من الامبراطورية.
[عدل]الهيمنة الرومانية
مقال تفصيلي :مصر الرومانية
جسدت لوحات مومياوات الفيوم تداخل الثقافة الرومانية مع الثقافة المصرية الفرعونية.
أصبحت مصر محافظة من الإمبراطورية الرومانية في العام 30 ق.م، بعد هزيمة ماركوس أنطونيوس والملكة البطلمية كليوباترا السابعة من قبل أغسطس قيصر في معركة أكتيوم. واعتمد الرومان بشكل كبير على شحنات الحبوب القادمة من مصر، وقمعت الفيالق الرومانية التمرد والمتمردين، وساعدت في تحصيل الضرائب الكبيرة، وكافحت ظاهرة قطاع الطرق والتي كانت منتشرة بكثرة في ذلك الوقت.[57] وأصبحت الإسكندرية مركزاً متزايد الأهمية على طريق التجارة مع الشرق، في الوقت الذي زاد فيه الطلب في روما على وسائل الرفاهية والكماليات.
على الرغم من أن الرومان كانوا أكثر عداءً تجاه المصريين من اليونانيين، استمرت بعض التقاليد مثل التحنيط و عبادة الآلهة التقليدية.[58] وازدهر فن تصوير المومياء، وصور بعض من الأباطرة الرومان أنفسهم كالفراعنة، ولكن ليس بنفس القدر في عصر البطالمة. وأصبحت الإدارة المحلية رومانية في الأسلوب ومغلقة أمام المصريون.[58]
منذ منتصف القرن الأول الميلادي، ترسخت وانتشرت الديانة المسيحية في الإسكندرية لأنها كانت تعد عبادة أخرى يمكن أن تكون "مقبولة". غير أنه دين لا يقبل الوثنية ويسعى إلى الحصول على المهتدين من الوثنية و يهدد التقاليد الدينية الشعبية. وأدى ذلك إلى اضطهاد المتحولين إلى المسيحية، وبلغ هذا الاضطهاد ذروته في عمليات التطهير الكبيرة في عصر ديوكلتيانوس بدءا من عام 303 ميلادي، إلا أنه وفي نهاية المطاف استطاعت المسيحية أن تنتشر بعد إعتناق إمبراطور مصر لها.[59] وفي سنة 391 ميلادي أصدر الإمبراطور المسيحي ثيودوسيوس الأول تشريعاً يحظر الطقوس الوثنية و أغلق المعابد.[60] وبذلك أصبحت الإسكندرية مسرحاً لأعمال شغب مناهضة للوثنية وتدمير للرموز الدينية الخاصة والعامة.[61] ونتيجة لذلك، استمرت ثقافة مصر الوثنية في الانحدار والاندثار. في حين واصل السكان الأصليين التحدث بلغتهم، اختفت ببطء القدرة على قراءة الكتابات الهيروغليفية حيث تضاءل دور كهنة و كاهنات المعابد المصرية. وتم تحويل بعض المعابد إلى كنائس، وتهجير أخرى.
[عدل]الحكومة والاقتصاد
[عدل]الإدارة و التجارة
فحجم تمثال الفرعون كان يصور عادة ارتداء الرموز الملكية والسلطة.
كان الفرعون -من الناحية النظرية على الأقل- العاهل المطلق للبلاد، و يملك السيطرة الكاملة على الأرض و مواردها. وكان الملك قائد (رتبة عسكرية)|القائد الأعلى للجيش ورئيس للحكومة، والذي اعتمد على مسؤولين بيروقراطيين في إدارة شؤونه. الرجل الثاني في القيادة و المسئول عن الإدارة هو الوزير، الذي يعد نائب الملك وممثله، حيث نسق عمليات مسح الأراضي، والخزانة، وبناء المشاريع، والنظام القانوني والمحفوظات.[62] وعلى الصعيد الإقليمي، كانت البلاد مقسمة إلى ما يصل إلى 42 منطقة إدارية تسمى كل منها قطاعات يحكمها رئيس القطاع، الذي كان مسؤولا أمام الوزير عن نطاق سلطته. وشكلت المعابد العمود الفقري والبنية الأساسية للاقتصاد. حيث لم يقتصر دورها على أنها دور العبادة فقط، ولكن كانت مسؤولة أيضاً عن جمع وتخزين الثروة الوطنية في نظام من مخازن الحبوب والخزانات التي يديرها المشرفين ثم يقوموا بإعادة توزيعها.[63]
كان جزء كبير من الاقتصاد ينظم مركزيا ومحكم برقابة صارمة. على الرغم من أن المصريين القدماء لم يستخدموا عملة|العملات حتى العصر المتأخر، إلا أنهم استخدموا نوع من نظام مقايضة المال،[64] باستخدام أكياس قياسية من الحبوب و"الديبن "،ذات وزن تقريبي 91 جراماً من النحاس والفضة.[65] حيث تقاضى العمال أجورهم بالحبوب؛ فالعامل البسيط قد يكسب خمسة حصص ونصف (ما يقارب 200 كجم) من الحبوب شهريا، في حين أن كبير العمال قد يكسب سبعة حصص ونصف (250 كجم). كانت الأسعار ثابتة في جميع أنحاء البلاد ومسجلة في قوائم لتسهيل التجارة، على سبيل المثال كانت تكلفة القمصان خمسة ديبن من النحاس، في حين أن تكلفة البقرة 140 ديبن.[65] كما أمكن تبادل الحبوب مع السلع الأخرى، وفقا لقائمة الأسعار الثابتة.[65] وخلال القرن الخامس قبل الميلاد، اخترع المال وقدم إلى مصر من الخارج. في البداية استخدمت العملات كقطع موحدة من المعدن النفيس بدلا من المال الحقيقي، و لكن سرعان ما اعتمد التجار الدوليون على العملات في القرون التالية .
[عدل]الحالة الاجتماعية
كان المجتمع المصري مجتمع طبقي بدرجة عالية، وكانت الفئة الاجتماعية عنصر مهم في كيان وشخصية المرء. احتل المزارعون النصيب الأكبر من السكان في ذلك الوقت، إلا أن المنتجات والأراضي الزراعية كانت مملوكة من قبل الدولة أو المعبد أو في بعض الأحيان تكون مملوكة من قبل أحد الأسر نبل|النبيلة.[66] كما خضع المزارعون لضريبة العمل، و كانوا يعملون في مشاريع البناء أو الري بنظام سخرة|السُخرة.[67] أما الفنانين والحرفيين، فقد كانوا بمركز أعلى وأرقى من فئة المزارعين، إلا أنهم كانوا أيضاً تحت سيطرة الدولة المباشرة، حيث كانوا يعملون في معابد الدولة، وبتلقون رواتبهم مباشرةً من خزينة الدولة. وشكل الكُتاب و المسؤولون الطبقة العليا في مصر القديمة، أو ما يسمى "طبقة التنورة البيضاء" في إشارة إلى الملابس البيضاء التي كانت بمثابة علامة على مكانتهم.[68] وصور الأدب والفن بشكل واضح وضع الطبقة العليا من الشعب، حيث حظوا بنصيبٍ وافرٍ من الذكر والإشارة في مجالات الثقافة المختلفة. واحتل الكهنة والأطباء والمهندسين المدربين على اختصاصات معينة المرتبة ما قبل مرتبة النبلاء. وقد عرفت مصر القديمة العبودية في ذلك الوقت، لكن لا تزال المعلومات والدلائل عليها ذات نطاق ضيق.[69]
ساوى قدماء المصريون قانونياً بين جميع الطبقات الاجتماعية، من الرجال والنساء إلا العبيد، حيث كان لأقل الفلاحين التقدم بالالتماس إلى الوزير وحاشيته طلباً للعدل.[70] وجعل لكلٌ من الرجال والنساء الحق في امتلاك وبيع الممتلكات، وتنظيم العقود والحق في الزواج والطلاق، بالإضافة للحق في الميراث وإنشاء محاكم للفض بين المنازعات القانونية. وقد أمكن للمتزوجين التملك معاً، وبصورة مشتركة. بالإضافة إلى حماية المرأة عند الطلاق، حيث تنص عقود الزواج على الالتزامات المالية للزوج على زوجته وأولاده حتى بعد الطلاق. وبمقارنة النساء مع نظرائهم في اليونان القديمة، بل وحتى مع حضارات أكثر حداثة، كانت للمرأة المصرية في ذلك الوقت حرية اختيار، وفرص متاحة للتحقيق أكثر من أي امرأة أخرى في تلك الحقبة. فأصبحت نساء مثل حتشبسوت و كليوباترا من الفراعنة، في حين أن البعض الآخر مارس سلطة كبيرة مثل زوجات آمون المقدسة. وعلى الرغم من كل تلك الحريات، لم تشارك المرأة المصرية القديمة في الأدوار الرسمية الرئيسية، وخدمت كعنصر ثانوي في المعابد، وعموماً، لم تكن المرأة تحصل على نفس القدر من التعليم مقارنةً مع الرجال.[70]
وكانت تماثيل الكتبة النخبة وتعليما جيدا. تقييم والضرائب ، والاحتفاظ بالسجلات ، وكانت مسؤولة عن الإدارة.
[عدل]النظام القانوني
رأس الفرعون النظام القانوني رسمياً، وكان مسؤولاُ عن سن القوانين وتحقيق العدالة، والحفاظ على القانون والنظام، وهو مفهوم لدى المصريين القدماء و يشار إلى بالآله ماعت.[62] وعلى الرغم من عدم وجود أي قوانين باقية حتى الآن من مصر القديمة، أظهرت وثائق إحدى المحاكم أن القانون المصري كان قائم على وجود نظرة عامة حسية بالصواب والخطأ، حيث كان يشدد على ضرورة التوصل إلى اتفاقات وتسويات سلمية للنزاعات والصراعات.[70] وكان مجلس الشيوخ المحلي، المعروف باسم الكينبيت في الدولة الجديدة، المسؤول عن البت في القضايا والخلافات الصغيرة التي تعرض على المحكمة.[62] أما عن النزاعات والصراعات الأشد خطورة، مثل القتل، واختلاس أراضي الدولة، والسطو على المقابر فكانت تحال إلى ما يسمى الكينبيت الكبير الذي يترأسه الوزير أو الفرعون نفسه في بعض الحالات. وكان من المتوقع أن يمثل المدعون والمدعى عليهم بأنفسهم ويُطلب منهم قسم اليمين على قول الحقيقة. في بعض الحالات، أخذت الدولة دور كل من المدعي العام والقاضي، وكان تعذيب المتهم بالضرب للحصول على اعتراف وأسماء أي من المتآمرين أمرٌ لا بآس به. ولا يهم إذا ما كانت التهم تافهة أو خطيرة، حيث يقوم كتبة المحكمة بتوثيق الشكوى، والشهادة، والحكم الصادر في القضية للرجوع إليها في المستقبل عند الحاجة.[71]
ينطوى العقاب في الجرائم البسيطة إما على فرض الغرامات، أو الضرب، أو التشويه في الوجه، أو النفي، و هذا يتوقف على شدة الجريمة. أما الجرائم الخطيرة مثل القتل وسرقة المقابر فكانت عقوبتها الإعدام، والتي تتم بقطع الرأس، أو الإغراق، أو وضع الجاني على عمود ليخترق جسمه. وقد تمتد العقوبة لتشمل عائلة الجاني.[62] وابتداء من المملكة الجديدة، لعب الأوراكل (أشخاص على اتصال بالآله) دوراً رئيسياً في النظام القانوني، وإقامة العدل في القضايا المدنية والجنائية. حيث كانوا يقومون بسؤال الآله سؤال يكون جوابه "نعم" أو "لا" بشأن صحة وحقيقة قضيةً ما. ثم يصدر الإله الحكم، يقوم به عدد من الكهنة، عن طريق اختيار واحدة أو أخرى مباشرةً، أو التحرك إلى الأمام أو الخلف، أو الإشارة إلى واحد من الأجوبة المكتوبة على قصاصة من ورق البردي أو قطعة حجر.[72]
[عدل]الزراعة
طالع أيضًا :Ancient Egyptian cuisine
ويصور عمال الإغاثة قبر حراثة الحقول ، حصاد المحاصيل ، ودرس الحبوب تحت إشراف أحد المشرفين.
ساهمت مجموعة من المعالم الجغرافية المواتية في نجاح الثقافة المصرية القديمة، والتي من أهمها كانت التربة الخصبة الغنية والناجمة عن الفيضان السنوي لنهر النيل. ولذلك كان المصريون القدماء قادرون على إنتاج كمية وافرة من الغذاء، والتي تسمح للسكان بتكريس مزيد من الوقت والموارد للأنشطة الثقافية والتكنولوجية والفنية. كما كانت إدارة الأراضي أمر بالغ الأهمية في مصر القديمة بسبب الضرائب المقررة على أساس مساحة الأراضي المملوكة للشخص.[73]
اعتمدت الزراعة في مصر على دورة نهر النيل. عرف المصريون ثلاثة فصول في السنة؛ أخت (الفيضان)، بيريت (الزراعة)، شيمو (الحصاد). ويستمر موسم الفيضانات من يونيو وحتى سبتمبر، حيث يرسب على ضفاف النهر طبقة من الطمي الغنية بالمعادن المثالية لزراعة المحاصيل. بعد انحسار مياه الفيضان، يبدأ موسم النمو من أكتوبر وحتى فبراير. ثم يزرع ويحرث المزارعون البذور في الحقول، والتي كانت تُروى من المصارف والقنوات. وكان اعتماد المزارعين على مياه النيل بشكل أساسي لكون نصيب مصر السنوي من الأمطار قليلٌ نسبياً بالمقارنة بحجم الفيضان.[74] وفي الفترة من مارس إلى مايو، يستخدم المزارعون المنجل لحصد محاصيلهم، ثم تدخل الحبوب في عملية لفصل القش من الحبوب، بعد ذلك تقشر الحبوب وتخمر لصنع الجعة أو تخزن لاستخدامها لاحقاً.[75]
قام المصريون القدماء بزراعة قمح ايمر و الشعير، و عدد آخر من محاصيل الحبوب، و التي تستخدم لصنع مكونان الغداء الرئيسيان، الخبز و شراب الشعير.[76] واقتلعوا نباتات الكتان قبل ازدهارها، والتي تزرع من أجل ألياف سيقانها. ثم تنقسم هذه الألياف على مدى طولها وتنسج إلى خيوط و التي تستخدم في نسج أقمشة الكتان لصنع الملابس. كما استخدام ورق البردي|البردي النامي على ضفاف النيل لصنع الورق. أما الخضروات والفاكهة، فقد كانت تزرع في حدائق مخصصة، بالقرب من منطقة سكنية ومرتفع، وكانت لابد أن تسقى باليد. وشملت الخضراوات الكراث والثوم والبطيخ والقرع والبقول، والخس وغيرها من المحاصيل، بالإضافة إلى العنب الذي صُنع منه الخمر.[77]
Sennedjem المحاريث حقوله مع زوج من الثيران ، كما تستخدم الحيوانات من عبء ومصدرا من مصادر الغذاء.
[عدل]الحيوانات
اعتقد المصريون أن العلاقة المتوازنة بين الناس والحيوانات عنصرا أساسيا في النظام الكوني، و من ثم أعتقد أن الإنسان والحيوان والنبات أعضاء من كيان واحد.[78] ولذلك كانت الحيوانات، سواء المستأنسة أو البرية، تشكل مصدراً حيوياً للروحانية، و الرفقة، و مؤازرة القدماء المصريين. وشكلت الماشية أهم الموارد الحيوانية؛ وكانت الحكومة تجمع الضرائب على الثروة الحيوانية في إحصاءات رسمية منتظمة، وعكس حجم القطيع مكانة و أهمية النبلاء أو المعبد التي تملكها. وربى المصريون القدماء أيضاً الأغنام والماعز والخنازير. أما الطيور المستأنسة مثل البط و الإوز و الحمام فقد حجزت في شباك و رُبيت في مزارع، حيث غُذيت بالإكراه بالعجين لغرض تسمينها.[79] وكان النيل مصدراً وفيراً من الأسماك والثروة السمكية. واستأنس النحل منذ -على الأقل- عصر الدولة القديمة، وزودت المصريين بالعسل والشمع. [80]
وكان استخدام الحمير والثيران إما لغرض الحمل والنقل أو الحرث وتنسيق التربة. ساهمت الثيران -الخَصبة تحديداً- بلحومها وكانت جزءاً أساسياً من طقوس القرابين.[79] وأدخل الهكسوس الخيول في المرحلة الانتقالية الثانية إلى البلاد، ولم تظهر الإبل كحيوانات عاملة إلا في العصر المتأخر رغم اكتشافها منذ الدولة الحديثة. وهناك أيضا أدلة تشير إلى أن فيل|الفيلة استخدمت لفترة قصيرة في العصر المتأخر، ولكن تم الاستغناء عنها إلى حد كبير بسبب نقص المراعي البرية التي تحتاجها.[79] كانت الكلاب والقطط والقرود حيوانات أليفة لدى العامة، في حين أن الحيوانات الأكثر تطرفاً وغرابة على المصريين مثل الأسود، كانت تستورد من وسط أفريقيا وتمتلك من قبل النبلاء والملوك فقط. وقد لاحظ هيرودوت أن المصريين هو الشعب الوحيد في ذلك الوقت الذي ربى الحيوانات داخل منازلهم.[78] وخلال الفترتين، فترة ما قبل الأسر والعصر المتأخر، انتشرت بشكل كبير وشعبي للغاية عبادة الآله في شكل وهيئة حيواناتهم، مثل القط باستت، وأبو منجل تحوت، وقد ربيت هذه الحيوانات في المزارع بأعداد كبيرة لغرض طقوس التضحية.[81]